فهرس الكتاب
الصفحة 82 من 127

وانظر إليه ليس ينفذ حكمه ... بين الخصوم وماله من شان

لكنما المقبول حكم العقل لا ... أحكامه لا يستوي الحكمان

والله ما أنقادوا لجنكسخان ... حتى أعرضوا عن محكم القرآن

والله ما ولوه إلا بعد عز ل ... الوحى عن علم وعن إيقان

عزلوه عن سلطانه وهو اليقين ... المستفاد لنا من السلطان [1]

ومما ينبغي الإشارة إليه هنا أن بعض الباحثين في هذا الموضوع يخطئون خطئا عظيما حينما يقولون: يجب علينا أن نسأل هؤلاء الذين يحكمون بغير ما أنزل الله هل تقرون بحكم الله أو لا تقرون به فتردونه؟ هل تفضلون حكم القوانين الوضعية على حكم الله أم لا؟ وذلك لأن الله تعالى قد فطر نفوس بني آدم مسلمهم وكافرهم على أن يختارا ويفعلوا الأفضل في نظرهم دائما، فالإقرارات اللفظية لا قيمة لها بجانب الاختيارات العملية، ولذلك قال العلماء: إن لسان الحال قد يكون أبلغ من لسان المقال، فالأحبار الذين جاءوا للنبي وقالوا: نشهد أنك نبي ولكنهم لم يتبعوه في شيء ولم يؤمنوا به كذابون في زعمهم تصديقه وشهاتدهم بذلك، إذ لو آمنوا به إيمانا صحيحا للزمهم اتباعه حتما.

وكذلك قد نجد من هؤلاء الطواغيت الذين يشرعون القوانين ويحكمون بها من يقول: إن أحكام الشريعة الإسلامية هي من عند الله، وقد يمدحونها ولكنهم يقدمون ما يشرعونه عليها، فلا ينفعهم إقرارهم ومدحهم هذا إذ أنهم كاذبون فيه، فلو كانوا يعتقدون أنها من عند الله حقا وأنهم عبيد لله تعالى للزمهم الحكم بها وعدم الخروج عنها، بل وما وسعهم أن يحكموا يغيرها البتة.

(1) راجع شرح قصيدة ابن القيم المسماة توضيح المقاصد وتصحيح القواعد لأحمد بن إبراهيم بن عيسى ج2/ 98.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام