وأشركه مع الله ... إلى آخر ما ذكره رحمه الله [1]
ويبين رحمه الله بيانا لا يحتمل تأويلا أن من اتبع نظاما أو تشريعا غير الإسلام فهو كمن أشرك في العبادة مع الله: الإشراك بالله في حكمه، والإشراك به في عبادته كلها بمعنى واحد لا فرق بينهما البتة، فالذي يتبع نظاما غير نظام الله وتشريعا غير تشريع الله كالذي يعبد الصنم ويسجد للوثن، ولا فرق بينهما البتة بوجه من الوجوه، فهما واحد وكلاهما مشرك بالله. [2]
وقال الشيخ الشنقيطي رحمه الله أيضا في تفسير قوله تعالى (إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ... ) الآية: ومن هدي القرآن للتي هي أقوم بيانه أن كل من اتبع تشريعا غير التشريع الذي جاء به سيد ولد آدم محمد ابن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه، فاتباعه لذلك التشريع المخالف كفر بواح مخرج من الملة الإسلامية.
ولما قال الكفار للنبي صلى الله عليه وسلم: الشاة تصبح ميتة من قتلها؟ فقال لهم: قتلها الله، فقالوا له: ما ذبحتم بأيديكم حلال وما ذبحه الله بيده الكريمة تقولون إنه حرام! فأنتم إذن أحسن من الله؟ فأنزل الله فيهم قوله تعالى (ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لمشركون) ... إلى أن قال رحمه الله:
فهو قَسَمٌ من الله جل وعلا أقسم به على أن من اتبع الشيطان في تحليل الميتة أنه مشرك، وهذا الشرك مخرج عن الملة بإجماع المسلمين، وسيوبخ الله مرتكبه يوم القيامة بقوله (ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين) ، لأن طاعته في تشريعه المخالف للوحي هي عبادته، وقال تعالى (إن يدعون من دونه إلا إناثا وإن يدعون إلا شيطانا مريدا) أي ما يعبدون إلا شيطانا، وذلك باتباعهم تشريعه.
وقال (وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم ... ) الآية، فسماهم شركاء لأنهم أطاعوهم في معصية الله تعالى، وقال عن خليله (يا أبت لا تعبد الشيطان ... ) الآية، أي بطاعته في الكفر والمعاصي.
ولما سأل عدي بن حاتم النبي صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم
(1) أضواء البيان للشنقيطي، ج 7/ 136 - 137.
(2) أضواء البيان للشنقيطي 7/ 162.