المسلمين هو تبديل شريعتهم وإبطال أحكام الإسلام، هذه الأحكام التي لا يستطيع الكفار مع وجودها أن ينفذوا خططهم الماكرة في القضاء على قوة الأمة وعزها، فما كان للخمر التي تخرب العقول والأبدان وتذهب الغيرة والحمية الإسلامية، وما كان للزنا الذي يهدم الأخلاق، وما كان للربا الذي ينشر الفقر والفساد، ماكان لهذه الموبقات وغيرها أن تعمل في إفساد المسلمين وتخريب عقولهم مع وجود الأحكام الإسلامية نافذة، وما كان للشرك والإلحاد والزندقة والطعن في الدين والاستهزاء بأهله وترويج ذلك في وسائل التعليم والإعلام أن يقع مع قيام أحكام الشريعة التي تعاقب بالقتل كل من يقدم عى ذلك.
فكان لابد للكفار وحتى ينفذوا كل مخططاتهم تلك أن يعملوا على إقصاء أحكام الشريعة عن الحكم بين المسلمين وإحلال قوانينهم الوضعية الخبيثة محلها، وقد كان أول ما بدأ الكفار به هو السيطرة على الحكم ببلاد المسلمين عن طريق الاحتلال المباشر للبلاد، وقد أثار هذا الاحتلال المباشر ثورة كثير من الشعب ضد المحتل، مما كلف العدو المحتل كثيرا ففكر في الرحيل عن بلاد المسلمين بعد زمان طويل من الجهاد والمقاومة من أبناء المسلمين، ولم يرحل المستعمر الكافر بقواته العسكرية عن بلاد المسلمين إلا بعد أن اطمأن إلى وجود طائفة ممن يتسمون بأسماء المسلمين قادرة على القيام بتنفيذ ما يأمرهم به وهم رهن إشارته بعد أن رباهم على مائدته سنوات طوال، وهؤلاء هم العلمانيون الذين يمسكون بزمام الحكم والسياسة في بلدان المسلمين اليوم، ولهذا فإن المستعمر الكافر وإن رحل عن بلاد المسلمين بقواته العسكرية فإنه مازال باقيا يحكم بلادنا إلى اليوم بقوانينه ونُظُمه السياسية والاقتصادية والعسكرية والتعليمية من وراء ستار في بعض البلاد عن طريق عملائه وعلانية في البعض الآخر.
ولا يخفى على عاقل بصير أنه ما كان لشيء من هذا أن يقع لولا تفريط المسلمين في دينهم، فعاقبهم الله تعالى بأن سلّط عليهم أعداءهم الكافرين يفسدون عليهم دينهم ويسلبونهم دنياهم الذي منعهم حبها من القيام بما أوجبه الله عليهم من الاستقامة على دينه وجهاد الكفار، وفي ذلك يقول تعالى (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعف عن كثير) [1] ، وقال تعالى (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض
(1) سورة الشورى، الآية: 30.