والمعلومات بالعلم الأزلي ونحو ذلك، بل هذه أمارة الحدث، لأن المحدث ما لا يستغني وجوده عن غيره، وهو معنى قوله:"لا يحتاج إلى شيء ليس كمثله شيء وهو السميع البصير".
وحرف"الكاف"في"كمثله"صلة معناه ليس مثله شيء.
أوجد المخلوقات لا من شيء وقدر لهم كل شيء.
وقوله: وخلق الخلق بعلمه وقدر لهم أقدار وضرب لهم آجالاً لم يخف عليه قبل خلقهم وعلم ما هم عاملون قبل أن يخلقهم.
وكل ذلك ينبني على مسألة الصفات.
مسألة: قال أهل الحق: إن الله تعالى موصوف بكونه سميعاً بصيراً عالماً قديراً. وهذه الصفات أزلية، والله تعالى منفرد عنها عن الخلق.
وقالت الجهمية والفلاسفة القرامطة: لا يوصف الباري بهذه الصفات، ولا يوصف بأضدادها.
وقال أصحابنا: إن الله تعالى عالم له علم، قادر له قدرة، حي له حياة. وهذه الصفات لا يقال لكل صفة: إنها الذات، ولا أنها غير الذات، ولا يقال لكل صفة إنها غير الصفة الأخرى، ولا أنها عينها.
وعند المعتزلة: انه تعالى حي لا حياة له، عالم لا علم له، قادر لا قدرة له، تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيرا
والحجة لأهل الحق في إثبات هذه الصفات: أن البارئ تعالى لو لم يكن موصوفاً بهذه الصفات، لكان موصوفاً بأضدادها من الموت والعجز والصمم والجهل، وهذه الأشياء نقائص، ومن شرط القديم التبري عن النقائص، والاتصاف بالكمال.
ولأن القول فيما خلق الله تعالى من المخلوقات، وما أودع فيها من بدائع الصنعة وعجائب التركيب وغرائب الحكم، وما خلق في العالم من انواع المنافع والمضار، وما يصلح من ذلك للأغذية والأدوية والاعتداء إلى غير ذلك، وكون العالم على نهج النظام والاستقامة والترتيب والإتقان والحكمة، لا يتأتى ذلك إلا من حي له حياة، عالم له علم، قادر له قدرة. والذي يدل عليه قوله تعالى:"وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ" (البقرة: 255) .