وقوله: والخير والشر مقدران على العباد، والاستطاعة التي يجب بها الفعل من نحو التوفيق الذي لا يجوز أن يوصف المخلوق به إلا مع الفعل، فأما الاستطاعة، لأنها عرض لا يبقى إلى وقت وجود الفعل فيحصل بلا استطاعة، فيخالف النصوص، ولأن الاستطاعة قوة يخلقها الله تعالى في أعضاء العبد يحدث وقتا بعد وقت، وهي عرض لا يبقى زمانين، وذلك بتوفيق الله وتيسيره في إقامة الطاعات، وبخذلانه في إقامة المعاصي.
وهذه الاستطاعة تصلح للضدين على طريق البدل، خلافاً للأشعري، لأنها لو لم تصلح للضدين لم يتحقق الأمر والنهي؛ لأن العبد هو الذي يتصرف في صرف القدرة إلى بعض الأفعال، دون بعض باختياره، ولا يتحقق الأمر والنهي.
ثم الدليل على إبطال قول المعتزلة من حيث المعقول: إن القدرة إذا وجدت قبل الفعل، وهي غير قابلة البقاء إلى الثاني من الأوقات كانت عدماً، وقت وجود الفعل، فيوجد الفعل ولا فائدة، فأي فائدة لوجود القدرة، وأي حاجة إليها، وأي أثر لوجودها سابقة على الفعل؟ ولا يعلق له بها تحققه أنها إذا لم تكن موجودة وقت الفعل فلا فرق بين قدرة متقدمة، وبين قدرة متأخرة عن الفعل لا ستوائهما في العدم وقت الفعل، فالقول بكونها بعد الفعل محال فكذا هذا.
قوله: وأفعال العباد خلق الله وكسب من العباد، ولم يكلفهم الله سبحانه وتعالى إلا ما يطيقون، ولا يطيقون إلا ما كلفهم به، وهو تفسير:"لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم".
نقول: لا حيلة لأحد، ولا تحول لأحد ولا حركة لأحد عن معصية الله، إلا بمعونة