فهرس الكتاب
الصفحة 43 من 43

وقوله: ولا نفضل أحداً من الأولياء على أحد من الأنبياء، ونقول: نبي واحد أفضل من جميع الأولياء؛ لأن الله تعالى اصطفى الأنبياء واجتباهم وعصمهم بأعلى مراتب العصمة، وجعلهم حجة على خلقه، وأمنائه على وحيه، كما قال تعالى:"وَإِنَّهُمْ عِندَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ" (ص: 47) .

وقوله تعالى:"وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ على عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ" (الدخان: 32) .

وقوله: نؤمن بما جاء من كراماتهم وصح عن الثقات من رواياتهم.

مسألة: قال أهل الحق: إن للأولياء كرامات، وأنها من الممكن، وقالت المعتزلة: إنها ممتنعة، والدليل عليه لأهل الحق أن نصوص الكتاب والأخبار المستفيضة.

أما الكتاب فيما أخبر الله تعالى عن صاحب سليمان صلى الله عليه وسلم وقوله:"أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ" (النمل: 40) . وما قص الله تعالى من قصة أصحاب الكهف.

وأما الأخبار: رؤية عمر رضي الله عنه جيشه بـ"نهاوند"وهو بالمدينة، وقوله:"يا سارية الجبل!"وسمع سارية الصوت على مسافة قربت من خمسمائة فرسخ، حتى صعد الجبل وأخرج الكمين، وكان ذلك سبب الفتح، وروي عن خالد رضي الله عنه أنه شرب السم ولم يضره وكذلك خبر أمير المؤمنين عمر مع النيل وجريانه بكتابه، ومثل ذلك في حق الصحابة والتابعين كثير إلا أن الله سبحانه وتعالى حرم المعتزلة الولاية وكراماتها، لسوء معتقدهم عصمنا الله منه.

وكرامات الأولياء معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم لا أنها تبطل المعجزات كما زعم المعتزلة، لأنه وإن ظهر على يديه ما ينقض العادة وهو تابع لرسوله، مقر برسالته معترف أنها من بركة متابعته فهي على هذا التدريج دليل على صدق الرسول فيما ادعاه من الرسالة أنه على الحق لكون اتباعه فقد ظهر على أيديهم ما ينقض العادة.

والفرق بين المعجزة والكرامة: أن المعجزة تظهر على أثر دعوى الرسالة والتحري آكد، ولو ادعى الولي ذلك كفر من ساعته ولو ادعى الولاية سقط من الولاية، وكذا صاحب المعجزة يظهرها، والكرامة يجتهد صاحبها في إخفائها وكتمانها، ويخاف أنا من قبل الاستدراج، وصاحب المعجزة متيقن بها، فكيف تلتبس الكرامة بالمعجزة؟

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام