وقوله: وعلماء السلف من الصالحين والتابعين، ومن بعدهم من أهل الخير والأثر وأهل الفقه والنظر لا يذكرون إلا بالجميل ومن ذكرهم بسوء فهو على غير السبيل.
لأنهم بذلوا جهدهم في جمع العلم وتبليغه وتحصيله وتلخيصه، لا سيما إمام الأئمة وسراج أهل الجنة: أبوحنيفة رضي الله عنه، فإنه أول من دون العلم وجمعه ورتبه وبوبه واستنبط مسائله من كتاب الله عز وجل وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وأقوال الصحابة، وبين ناسخ الحديث ومنسوخه وطريق الاجتهاد وفيما لا نص فيه، وكيفية العمل بالقياس، والاستدلال وأنواع أدلة الشرع، فاقتدت العلماء بأثره، وجرت في ذلك على سنته، ولهذا قال الإمام الشافعي رضي الله عنه:"الناس كلهم عيال على أبي حنيفة في الفقه". فقد حاز قصبات السبق، وحصل عظيم الأجر، كما قال صلى الله عليه وسلم:"من سن سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة" [1] . وهذا مع ما اشتهر من ورعه وزهده واجتهاده مما يضيق هذا المختصر عن ذكره، وقد شقي قوم بالوقيعة فيه، كما شقيت الروافض بالوقيعة في الصحابة، وروي عن سفيان الثوري أنه قال: من وقع في أبي حنيفة فاتهموه في أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، وما ذلك بضاره ولا ضارهم، بل ثواب ساقه الله إليهم، وجدده لهم، فعد ذلك من مناقبهم، لا من مثالبهم.
حاشية
[1] رواه مسلم (2059/ 4) .