موصوفاً بصفات النقص، كالموت والجهل والعجز والصمم والعمى، ولو كان موصوفاً بصفات النقص لكان محدثاً. وكذلك كل جزء اتصف بذلك، وكون أجزاء القديم محدثاً محال، ولو كان كل جزء منها متصفاً بصفات الكمال لكان كل جزء متصفاً بصفات الربوبية، فيؤدي إلى القول بآلهة كثيرة، تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا.
قوله:"حي لا يموت، قيوم لا ينام".
وقوله:"خالق بلا حاجة، رزاق بلا مؤونة، مميت بلا مخافة، باعث بلا مشقة"، لأن الحاجة والخوف والمشقة ونحو ذلك من سمات النقص والله تعالى منزه عن ذلك.
وقوله:"ما زال بصفاته قديماً قبل خلقه، لم يزدد بكونهم شيئاً لم يكن قبلهم من صفته، وكما كان بصفاته أزليا، كذلك لا يزال عليها أبدياً ليس بعد أن خلق الخلق استفاد اسم الخالق، ولا بإحداثه البرية استفاد اسم الباري، له معنى الربوبية ولا مربوب، ومعنى الخالق ولا مخلوق، وكما أنه محيي الموتى بعدما أحيا استحق هذا الاسم قبل إحيائهم، كذلك استحق اسم الخالق قبل إنشائهم، بأنه على كل شيء قدير وكل شيء إليه فقير، وكل أمر عليه يسير لا حتاج إلى شيء، ليس كمثله شيء، وهو السميع البصير".
مسألة: التكوين والمكون: اتفق المعتزلة والأشعرية أن التكوين غير المكون وأنها محدث، وأنها صفة فعل، وقالت الكرامية: هي محدثة قائمة بذات الله، تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيرا. وقال أهل الحق: إن التكوين غير المكون وهو صفة أزلية لله تعالى، والتكوين والإيجاد والتخليق والاختراع ألفاظ مترادفة يراد بها معنىً واحدا وهو إخراج المعدوم من العدم إلى الوجود. وقد أشار الطحاوي رضي الله عنه إلى شيء من دليل هذه المسألة، وهو قوله:"ما زال بصفاته قديماً قبل خلقه ولم يزدد بكونهم شيئاً لم يكن قبلهم من صفته"، وكما كان بصفاته أزلياً، كذلك لم يزل عليها أبديّاً، لأنه لو استفاد صفة لم يكن ناقصاً في الازل، لأن التخليق والإيجاد من صفات الكمال والمدح. دل عليه قوله تعالى:"هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ" (الحشر: 24) .
قالله تعالى وصف به في الأزل وهو إلزام الأشعري، وكذلك الأشعري يقول: وجود العالم معلوم بخطاب"كن"، وخطاب"كن"قديم أزلي، وتعلق الخلق بالصفة الأزلية لا يوجب قدم الخلق كتعلق المرادات بالإرادة الازلية، والمقدورات بالقدرة الازلية،