يكن هذا المعنى مناسبا؛ لا سيما وقد قال تعالى: (ولا يئوده حفظهما) أي: لا يثقله ولا يكرثه، وهذا يناسب القدرة لا العلم، والآثار المأثورة تقتضي ذلك؛ لكن الآيات والأحاديث في (العرش) أكثر من ذلك؛ صريحة متواترة. [1]
قوله تعالى: (وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا)
18/ وفيه اثبات كمال علمه ورحمته وحفظه.
(وينبغي أن يُعلم أن النفي ليس فيه مدح ولا كمال، إلا إذا تضمن إثباتًا، وإلا فمجرد النفي ليس فيه مدح ولا كمال، لأن النفي المحض عدم محض، والعدم المحض ليس بشيء، وما ليس بشيء هو كما قيل ليس بشيء، فضلاً عن أن يكون مدحًا أو كمالا. ولأن النفي المحض يوصف به المعدوم والممتنع، والمعدوم والممتنع لا يوصف بمدح ولا كمال) . [2]
(قوله:(وَلاَ يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا) أي لا يكرثه ولا يثقله، وذلك مستلزم لكمال قدرته وتمامها. بخلاف المخلوق القادر إذا كان يقدر على الشيء بنوع كلفة ومشقة، فإن هذا نقص في قدرته، وعيب في قوته). [3] (وهذا النفي تضمن كمال قدرته فإنه مع حفظه للسموات والأرض لا يثقل ذلك عليه كما يثقل على من في قوته ضعف) . [4]
قوله تعالى: (وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ)
19/ وفيه اثبات أن من اسماء الله تعالى (العلي) .
قال العلامة ابن القيم: (فإن من لوازم اسم العلي؛ العلو المطلق بكل اعتبار، فله العلو المطلق من جميع الوجوه: علو القدر، وعلو القهر، وعلو الذات، فمن جحد علو الذات فقد جحد لوازم اسمه العلي) . [5]
(1) مجموع الفتاوى/ شيخ الاسلام تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني (المتوفى 728 هـ) ، تحقيق عبد الرحمن بن محمد بن قاسم، الناشر مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، المدينة النبوية، المملكة العربية السعودية، عام النشر 1416 هـ/1995 م، 6/ 548.
(2) التدمرية تحقيق الإثبات للأسماء والصفات وحقيقة الجمع بين القدر والشرع/ شيخ الاسلام تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم بن محمد ابن تيمية الحراني الحنبلي الدمشقي (المتوفى 728 هـ) ، تحقيق د. محمد بن عودة السعوي، الناشر مكتبة العبيكان، الرياض، الطبعة السادسة، 1421 هـ / 2000 م، ص 58.
(3) المصدر السابق ص 58.
(4) مجموع الفتاوى/ شيخ الاسلام تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني (المتوفى 728 هـ) ، تحقيق عبد الرحمن بن محمد بن قاسم، الناشر مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، المدينة النبوية، المملكة العربية السعودية، عام النشر 1416 هـ/1995 م، 17/ 110.
(5) مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين/ العلامة محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم الجوزية (المتوفى 751 هـ) ، تحقيق محمد المعتصم بالله البغدادي، الناشر دار الكتاب العربي - بيروت، الطبعة الثالثة، 1416 هـ - 1996 م،1/ 55.