الصفحة 28 من 57

الأول: علو الذات؛ بمعنى أنه سبحانه نفسه فوق كل شيء؛ وقد دل على ذلك الكتاب، والسنة، وإجماع السلف، والعقل، والفطرة؛ وتفصيل هذه الأدلة في كتب العقائد؛ وخالفهم في ذلك طائفتان:

الأولى: من قالوا: إنه نفسه في كل مكان في السماء، والأرض؛ وهؤلاء حلولية الجهمية، ومن وافقهم؛ وقولهم باطل بالكتاب، والسنّة، وإجماع السلف، والعقل، والفطرة.

الطائفة الثانية: قالوا: إنه لا يوصف بعلوّ، ولا غيره؛ فهو ليس فوق العالم، ولا تحته، ولا عن يمين، ولا عن شمال، ولا متصل، ولا منفصل؛ وهذا قول يكفي تصوره في رده؛ لأنه يَؤول إلى القول بالعدم المحض؛ إذ ما من موجود إلا وهو فوق، أو تحت، أو عن يمين، أو شمال، أو متصل، أو منفصل؛ فالحمد لله الذي هدانا للحق؛ ونسأل الله أن يثبتنا عليه.

والقسم الثاني: علو الصفة: وهو أنه كامل الصفات من كل وجه لا يساميه أحد في ذلك؛ وهذا متفق عليه بين فرق الأمة، وإن اختلفوا في تفسير الكمال.

35 -ومن فوائد الآية: الرد على الحلولية، وعلى المعطلة النفاة؛ فالحلولية قالوا: إنه ليس بعالٍ؛ بل هو في كل مكان؛ والمعطلة النفاة قالوا: لا يوصف بعلو، ولا سفل، ولا يمين، ولا شمال، ولا اتصال، ولا انفصال.

36 -ومنها: التحذير من الطغيان على الغير؛ لقوله تعالى: (وهو العلي العظيم) ؛ ولهذا قال الله في سورة النساء: (فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً إن الله كان علياً كبيراً) (النساء/34) ؛ فإذا كنت متعالياً في نفسك فاذكر علو الله عز وجل؛ وإذا كنت عظيماً في نفسك فاذكر عظمة الله؛ وإذا كنت كبيراً في نفسك فاذكر كبرياء الله.

37 -ومنها: إثبات العظمة لله؛ لقوله تعالى: (العظيم) .

38 -ومنها: إثبات صفة كمال حصلت باجتماع الوصفين؛ وهما العلوّ، والعظمة. [1]

(1) تفسير الفاتحة والبقرة/ الشيخ محمد بن صالح بن محمد العثيمين (المتوفى 1421 هـ) ، الناشر دار ابن الجوزي، المملكة العربية السعودية، الطبعة الأولى، 1423 هـ، 3/ 256 - 263.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام