فهرس الكتاب
الصفحة 187 من 218

يقولها بعضهم. و سأذكرها فيما يأتي، و أعقب عليها بالردود و التعليقات المناسبة، و بالله التوفيق.

أولها مفاده أنه قد يعترض علينا بعض الناس بدعوى أننا بالغنا في انتقاد المعتزلة و تخطئتهم، و ذمهم و إظهار انحرافاتهم؛ مع أن الناس قد مدحوهم كثيرا قديما و حديثا، و شهدوا لهم بالعبقرية و الإبداع.

و أقول: أولا إن الحَكَم في مجال العلم ليس كثرة الناس و لا قلتهم، و إنما الحَكَم وحده هو الدليل الصحيح من الوحي، أو من العقل، أو من العلم أو منها كلها. و عليه فإن ما ذكرناه في كتابنا هذا عن المعتزلة يكفي للحُكم عليهم الحُكْمَ الصحيح، حتى و إن خالفنا في ذلك أكثر أهل العلم المهتمين بالمعتزلة.

و ثانيا ليس كل الناس مدحوا المعتزلة، فكثير من أهل العلم ردوا عليهم و انتقدوهم و حذّروا منهم قديما و حديثا. و صنف علماء أهل السنة مصنفات كثيرة ردوا فيها على المعتزلة. منها مصنفات الأشعري، و ابن تيمية، و ابن قيم الجوزية.

و ثالثا إن المُعجبين بالمعتزلة و المادحين لهم ليسوا صنفا واحدا: فمنهم من هو مقلد يجهل مذهبهم لكنه سمع من يمدحهم فمدحهم عن حسن نية مع جهله بمذهبهم. و منهم من له معرفة عامة بمذهبهم و ليس له به معرفة صحيحة مفصلة، فمدحهم على ما عرفه من بعض عموميات مذهبهم التي بدت له أنها صحيحة و حسنة. و منهم من هو على مذهبهم، فهو ضال مثلهم، و من الطبيعي أن يمدحهم. و منهم أعداء الإسلام من العلمانيين و الملاحدة، و اليهود و النصارى و أمثالهم، فهؤلاء لا يمدحونهم حبا فيهم، و إنما يمدحونهم على انحرافهم و بعدهم عن الإسلام و تحريفهم له. فكل ما يُسيء إلى الإسلام هو في صالحهم، وكل من يفعل ذلك فهو قريب منهم، فيدعمونه.

و الثاني مضمونه أنه ربما يعترض علينا بعض الناس فيقول: أليس للمعتزلة من فضائل فتُذكر لهم؟؟. فأقول: أولا إن كتابنا هذا خصصناه للجانب السلبي من فكر المعتزلة، لذا من الطبيعي جدا، و من المفروض علينا التركيز على سلبياتهم. و هي كثيرة جدا: مُنطلقا و منهجا و تطبيقا.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام