فهرس الكتاب
الصفحة 15 من 218

و الموقف الثالث مؤداه أن أبا القاسم البلخي المعتزلي (ت نحو: 319 هـ) ، ذكر أن أبا الهذيل العلاف المعتزلي (ت:3 هـ) كان يقول: (( إن علم الله هو الله، و كذلك القدرة لله هي الله ) ) [1] .

و ذكر المتكلم أبو الحسن الأشعري (ق: 4 الهجري) أن أبا الهذيل العلاف المعتزلي كان يقول في الله و صفاته: (( هو عالم بعلم هو هو، وهو قادر بقدرة هي هو، وهو حي بحياة هي هو. و كذلك قال في سمعه وبصره وقدمه وعزته وعظمته وجلاله وكبريائه وفي سائر صفاته لذاته. وكان يقول: إذا قلتُ: إن الله عالم أَثبت له علماً هو الله، ونفيتُ عن الله جهلاً، ودللت على معلوم كان أو يكون. وإذا قلتُ: قادر نفيت عن الله عجزاً، وأثبتُ له قدرة هي الله سبحانه، ودللت على مقدور. وإذا قلتُ: لله حياة، أثبت له حياة وهي الله، ونفيتُ عن الله موتاً. وكان يقول: لله وجه هو هو، فوجهه هو هو، ونفسه هي هو. ويتأول ما ذكره الله سبحانه من اليد أنها نعمة ) ) [2] .

و شرح الشهرستاني موقف العلاف بقوله: (( قوله إن علم الله هو الله، وأن قدرته هي هو، لأنه إذا كان علمه هو هو، وقدرته هي هو؛ فواجب أن يكون علمه هو قدرته، وإلا لزم التناقض كما لزم أصحاب الاثنين. وهذا أخذه أبو الهذيل عن أرسطاطاليس وذلك أن أرسطاطاليس قال في بعض كتبه: إن البارئ علم كله، قدرة كله حياة كله، سمع كله، بصر كله. فحسّن اللفظ عند نفسه وقال: علمه هو هو، وقدرته هي هو ) ) [3] .

و الرابع يتعلق بموقف عمر بن بحر الجاحظ (ق: 3 الهجري) من الصفات، فقال: (( أننا نعتقِد أنّ لنا رَبّاً يخترع الأجسامَ اختراعاً وأنّهُ حَيٌّ لا بحياة، وعالمٌ لا بعلم، وأنّه شيءٌ لا ينقسم، وليس بذِي طُول ولا عرْض ولا عُمق ) ) [4] . بمعنى أن الصفات عنده هي عين الذات، و ليست قائمة بالله أو بغيره، فهو عنده حي و حياته ذاته، و عالم و علمه ذاته، و هكذا [5] .

(1) أبو القاسم البلخي، و القاضي عبد الجبار، و الحاكم الجشمي: المصدر السابق، ص: 69.

(2) الأشعري: مقالات الإسلاميين، ص: 165.

(3) نفس المصدر، ص: 217.

(4) الجاحظ: كتاب الحيوان، ج 4 ص: 90.

(5) علي بُو ملحم: المناحي الفلسفية عند الجاحظ، ط 2، دار الطليعة، بيروت، 1988، ص: 119.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام