و قال محمود الزمخشري: (( ليس في أفعاله ظلم ولا عبث، مُنَزَّهٌ عن جميع المُقبحات، متعالٍ عن أن يُضِلَّ عبادَه ثم يعذبهم أو يعاقب على غير جرم، أو يكلف ما لا يطاق ) ) [1] .
و قال أيضا: (( اللطف: هو المصلحة، وهي ما فيه فائدة للمكلف في أداء ما كلف، ومن شرطها التعري من وجوه القبح، وتكون من قبل الله تعالى: إما منفعة كالصحة والغنى والرخص، وإما مضرة كالمرض والفقر والغلاء، ومن قبل العبد إما معلومة بالعقل: كمعرفة الله تعالى وصفاته وعدله، وإما بالسمع كمعرفة الشرائع، وهي على ضربين: محصلة: وهي التي عندها يطيع المكلف على وجه الاختيار ولولاها لم يطع مع تمكنه في الحالين. ومقرِّبة: وهي التي يكون معها أقرب إلى الطاعة ولولاها لم يكن أقرب مع تمكنه في الحالين. ونقيضها المفسدة: وتنقسم إلى محصلة ومقربة. ) ) [2] . و (( فإن قلت: هل يجب على الله تعالى اللطف؟ قلت: نعم؛ لأنه مريد لصلاح عبده، عالم أنه لا يصلح إلا به، كمن أراد صلاح ولده، وعلم أنه لا يصلح إلا بالرفق وجب عليه، حتى إن لم يرفق به علم أنه لا يريد صلاحه، ولأن منع ما لا يقع الغرض إلا به كالمنع من الغرض، ومنع الزَّارع من السقي كمنعه من الزراعة، ولا يلزم أنه لو وجب [وجب] اللطف بالجميع؛ لأن فيهم من لا لطف لهم، كما يكون في ولدك من لا يصلحه شيء من الرفق. فإن قلت: هل يجب الأصلح؟ وهو المنفعة الدنيوية التي لا يستضر بها أحد ولا فيها وجه قبيح قلت: يجب عند أبي القاسم الكعبي(معتزلي بغدادي، ت نحو: 319 هـ) ؛ لأن انتفاع العبد به داع ولا صارف، فكان منعه شُحًّا. وقال الشيخان [3] : لو وجب منه مقدار لوجب ما زاد عليه إلى غير نهاية، وفعل ما لا نهاية له محال، وهو إذاً تفضل والشُّحُّ إنما هو ترك الواجب )) [4] .
و رداً عليهم أقول: إنهم أخطؤوا في موقفهم من قضية الهداية و الضلال، لأنهم أقاموه على خلفيتهم المذهبية الزائفة من جهة، و بنوه على قراءة خاطئة للشرع و الواقع من جهة أخرى.
و تفصيل ذلك أولا هو أنهم دائما يرتكبون خطأهم المنهجي القاتل، عندما قدموا آراءهم و ظنونهم و أهواءهم على الشرع الصحيح، ثم
(1) الزمخشري: المنهاج في أصول الدين، ص: 8.
(2) نفس المصدر، ص: 21.
(3) أبو علي الجبائي وابنه أبو هاشم، حسب ما ذكره محقق الكتاب.
(4) الزمخشري: المنهاج في أصول الدين، ص: 21.