فهرس الكتاب
الصفحة 11 من 220

السَّبُعِ، وَلا لُقَطَةُ مُعَاهِدٍ، إِلا أَنْ يَسْتَغْنِيَ عَنْهَا صَاحِبُهَا، وَمَنْ نَزَلَ بِقَوْمٍ فَعَلَيْهِمْ أَنْ يَقْرُوهُ فَإِنْ لَمْ يَقْرُوهُ فَلَهُ أَنْ يُعْقِبَهُمْ بِمِثْلِ قِرَاهُ )) [1] .

فالواجب على المسلم في هذا الزمان مجانبة أهل الأهواء والبدع، والتمسك بما كان عليه أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رضوان الله عليهم، وترك ما أُحدث بعدهم من المحدثات والبدع.

قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه (إن ناسًا يجادلونكم بشبه القرآن، فخذوهم بالسنن، فإن أصحاب السنن أعلم بكتاب الله عز وجل) [2] .

عَنْ أَبِي الصَّلْتِ قَالَ كَتَبَ رَجُلٌ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَسْأَلُهُ عَنْ الْقَدَرِ فَكَتَبَ:

(( أَمَّا بَعْدُ أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالاقْتِصَادِ فِي أَمْرِهِ وَاتِّبَاعِ سُنَّةِ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم، وَتَرْكِ مَا أَحْدَثَ الْمُحْدِثُونَ بَعْدَ مَا جَرَتْ بِهِ سُنَّتُهُ، وَكُفُوا مُؤْنَتَهُ، فَعَلَيْكَ بِلُزُومِ السُّنَّةِ فَإِنَّهَا لَكَ بِإِذْنِ اللَّهِ عِصْمَةٌ، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ لَمْ يَبْتَدِعْ النَّاسُ بِدْعَةً إِلا قَدْ مَضَى قَبْلَهَا مَا هُوَ دَلِيلٌ عَلَيْهَا أَوْ عِبْرَةٌ فِيهَا، فَإِنَّ السُّنَّةَ إِنَّمَا سَنَّهَا مَنْ قَدْ عَلِمَ مَا فِي خِلافِهَا، مِنْ الْخَطَأ، وَالزَّلَلِ، وَالْحُمْقِ، وَالتَّعَمُّقِ، فَارْضَ لِنَفْسِكَ مَا رَضِيَ بِهِ الْقَوْمُ لأَنْفُسِهِمْ، فَإِنَّهُمْ عَلَى عِلْمٍ وَقَفُوا وَبِبَصَرٍ نَافِذٍ كَفُّوا، وَهُمْ عَلَى كَشْفِ الأُمُورِ كَانُوا أَقْوَى، وَبِفَضْلِ مَا كَانُوا فِيهِ أَوْلَى، فَإِنْ كَانَ الْهُدَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ، لَقَدْ سَبَقْتُمُوهُمْ إِلَيْهِ، وَلَئِنْ قُلْتُمْ إِنَّمَا حَدَثَ بَعْدَهُمْ، مَا أَحْدَثَهُ إِلا مَنْ اتَّبَعَ غَيْرَ سَبِيلِهِمْ وَرَغِبَ بِنَفْسِهِ عَنْهُمْ.

فَإِنَّهُمْ هُمْ السَّابِقُونَ فَقَدْ تَكَلَّمُوا فِيهِ بِمَا يَكْفِي، وَ وَصَفُوا مِنْهُ مَا يَشْفِي، فَمَا دُونَهُمْ مِنْ مَقْصَرٍ، وَمَا فَوْقَهُمْ مِنْ مَحْسَرٍ، وَقَدْ قَصَّرَ قَوْمٌ دُونَهُمْ فَجَفَوْا

وَ طَمَحَ عَنْهُمْ أَقْوَامٌ فَغَلَوْا، وَإِنَّهُمْ بَيْنَ ذَلِكَ لَعَلَى هُدًى مُسْتَقِيمٍ )) [3] .

والآن ننتقل بإذن الله تعالى إلى البحث، وهو موضوع الشفاعة، وقد آثرت الكتابة فيه لما أثير حوله من ضجة في الفترة الأخيرة، وشغف الناس به، وكثر كلامهم في هذه المسألة العقدية الهامة بآرائهم الشخصية، فهم ما بين مكذب ومصدق، وما بين مستحسن لكلام المخالف بعقله ومستقبح له، هذا غير من قال أن المسألة مسألة فكرية، ولا بد فيها من حرية الرأي!.

(1) رواه أبو داود 3988، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود برقم 3848.

(2) رواه أبو بكر الآجري في الشريعة ص 332.

(3) رواه أبو داود 3996، كتاب السنة، باب لزوم السنة، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود برقم 3856 وقال صحيح مقطوع.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام