الأول: حفظ القرءان، والثاني: معرفة معانيه. ولم يكن السلف رحمهم الله يطلقون لفظ قاريء على من حفظ القرآن فحسب دون دراية بمعانيه، وإنما هذا الإطلاق من الألفاظ الحادثة المبتدعة التي طرأت على الأمة فيما بعد.
[أرغب بطوناً] أي: يكثرون الأكل ويحبونه.
[ولا أكذب ألسناً] أي: يكذبون كثيراً، وقال (ألسناً) إنما عنى به لهجتهم ولغتهم وما يخاطبون به الناس.
[ولا أجبن عند اللقاء] من الجبن والهلع وهو ضد الشجاعة والإقدام.
[يعني رسول الله وأصحابه القراء فقال له عوف كذبت .. ] أي: كذبت فيما قلت، لما نعرف من خلافه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه.
[ولكنك منافق] فيه دلالة على أنه يجوز أن يقال للشخص منافق إذا أظهر علامة من علامات المنافقين.
[لأخبرن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -] من النصيحة الواردة التي هي واجبة في حق كل شخص ومنها قوله - صلى الله عليه وسلم - (الدين النصيحة) ثلاثاً، ولاشك أن فعل عوف ليس من باب النميمة الذي فيه تحريش بين الناس وتفريق، وإنما هو من باب النصيحة وإنكار المنكر الذي ليس المقصود من وراءه إلا إزهاق الباطل وإعلاء الحق، وأما النميمة فالمقصود من ورائها التحريش، فهناك فرق بين الأمرين.
[فذهب عوف إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ليخبره، فوجد القرآن قد سبقه] أي قد سبق إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - الوحي قبل أن يأتي عوف رضي الله عنه، وجاء في رواية أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أرسل عمار بن ياسر، قال: (أدرك القوم فقد احترقوا، وقل لهم ما ذا قلتم فإن قالوا لا فأخبرهم أنهم قد كذبوا) .
[فجاء ذلك الرجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -] أي: الذي قال القولة الشنيعة من أهل النفاق.
[وقد ارتحل ناقته] أي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عزم على الرحيل وبدأ بأوائله من ركوب الناقة.
[فقال يارسول الله إنما كنا نخوض ونتحدث حديث الركب نقطع به الطريق] أي لم نكن نقصد حقيقة الهزأ والسخرية بالله ورسوله وآياته وإنما كنا نخوض ونلعب حتى نقطع الطريق ونتروّح.
[قال ابن عمر: كأني أنظر إليه متعلقاً بنسعة ناقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -] (نِسْعَة) بكسر النون على زنة (حِكْمَة) هي رباط مظفور للرَحْلِ يربط به حتى لا يميل ولا يسقط عن الدابة.
[وإن الحجارة تنكب رجليه] أي أن الحجارة تتفرق من عند رجليه، وذلك لسرعته أو لنظره إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وإلى أمر يخافه بحيث نسي ما تحت رجليه بحيث تصطدم الحجارة فيهما.