فهرس الكتاب
الصفحة 283 من 293

باب

ما جاء في الإقسام على الله

هذا الباب عقده المصنف رحمه الله لأمر يخالف كمال التوحيد، ذلك أن الإنسان عندما يقسم على الله عز وجل على نوع ممنوع فإنه حينئذ يفعل شيئاً محظوراً.

وإبانة ذلك في حديث جندب الذي قال عنه المصنف رحمه الله: ـ

[عن جندب بن جنادة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: (قال رجل والله لا يغفر الله لفلان فقال الله عز وجل من ذا الذي يتألى علي ... ) ] أي يقسم ويحلف علي.

[أن لا أغفر لفلان قد غفرت له وأحبطت عملك) رواه مسلم] أي في صحيحه. وذلك أنه جزم بأن الله لا يغفر لفلان وأقسم، وهذا لا يجوز لأمرين: ــ

ـ الأمر الأول: أن فيه قطعاً لرحمة الله عز وجل التي وسعت كل شيء.

ـ الأمر الثاني: أن فيه قطع لمشيئة الله التي قد تأتي على رحمة هذا الإنسان وعلى إدخاله الجنة أو الغفران له والستر الموجب لدخول الجنة. فهذان المعنيان هما علة النهي في هذا الحديث على ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم الجوزية رحمهما الله.

[وفي حديث أبي هريرة أن القائل رجلٌ عابدٌ، قال أبو هريرة: تكلم بكلمة أوبقت دنياه وآخرته] هذا الحديث رواه الإمام احمد رحمه الله في مسنده وكذلك الطبراني في أكبر معاجمه وفيه ضعف والمقصود أن أبا هريرة ذكر أن الواقعة وقعت لاثنين من بني اسرائيل كان أحدهم عابداً وكان الآخر عاصياً، وكان الأول ينهى الثاني ويقول له كف عن كذا وكف كذا حتى أتاه يوماً فوجده على أمر يستعظمه، فقال والله لا يغفر لك الله أبداً لا تدخل الجنة، فحصل ما حصل من هذه الكلمة حتى قال أبو هريرة: تكلم ـ أي العابد ـ بكلمة أوبقت دنياه وآخرته

[أوبقت دنياه وآخرته] أي أهلكت عمله الذي نصب فيه وعبادته التي تعب فيها ومحق الله عز وجل بركتها ذلك آخرته فخسر، إذ أنه حبط عمله فكان في النار. وهذا كله فيه دلالة على أن رحمة الله واسعة وعلى أن الله لا مكره له، فإذا شاء شيئاً كان، ولذلك لا يجوز القسم على الله عز وجل في شيء من الأشياء إلا في نوعين: ـ

الأول: أن يكون تيقن الإنسان من كونيته؛ كأن يقول: أقسم بالله وعليه بأن لا يدخل من أشرك به شركاً أكبر في الجنة. فهذا متيقن منه أن الله عز وجل لا يدخل من مات مشركاً جنته وإنما يكون في النار ملقاً فيها، فالله عز وجل لا يغفر أن يشرك به سبحانه.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام