فهرس الكتاب
الصفحة 240 من 293

[وهو يقول: إنما كنا نخوض ونلعب ... ] فيه دلالة على أن الإستهزاء لا يقبل فيه النظر إلى القصد والنية ونحوهما، وإنما يحكم بكفر صاحبه إذا أخرج الهزأ. يقول شيخ الإسلام: أنه لا يخرج الهزأ إلا والنية قد جحدت أو كفرت بالله سبحانه وتعالى وذلك في الآية {قد كفرتم} ذكر لهم الكفر بعد وجود الإيمان، فمن يقول إنهم يظهرون الإيمان بألسنتهم وحقيقتهم أنهم كانوا على كفر فهذا يخالف ظاهر الآية كما يقول شيخ الإسلام في (الصارم المسلول) وإنما كانوا مؤمنين حقاً ثم كفروا بعد الإيمان المحقق بهذه الكلمات التي أخرجوها، وهذا هو ظاهر القرآن، وهذا ما ينبغي أن تفهم به النصوص، ولا يصرف إلا بقرينة صارفة صحيحة، ولا قرينة فيبقى الأمر على الظاهر.

يقول شيخ الإسلام في (الصارم) : (وهذا الذي عليه تفاسير عامة السلف) . أي أن الإيمان كان حقيقة ثابتاً لهم ثم كفروا بهذا الإستهزاء والسخرية، وسبق أن الإستهزاء بالله وآياته ورسوله إنما هو كفر بالله كفر أكبر ولاينظر فيه إلى قصد الإنسان أهازل أم جاد، وهذا كله من حماية الدين وحماية أسماء الله وصفاته وحماية رسله، وهو حقيقة حماية للمعتقد الصحيح من أن يرميه شخص بشيء فيه استهزاء أو استخفاف بهذه الأمور.

ومما يَنْظَمّ إلى ذلك أن بعض المفسرين يقولون يدخل في قوله {وآياته} يدخل فيه الآيات الكونية إذا استهزأ فيه استهزاء يخرج من الملة، كأن يقول شخص ليس من الحكمة أن يأتي الحر في وقت الشتاء وليس من الحكمة أن يأتي الشتاء أو البرد في وقت الصيف والحر ونحو ذلك مما يقصد فيه اتهام حكمة الباري سبحانه وأنه ليس أهلاً بأن يصرّف هذا الكون أو أن تصريفه للكون كان تصريفاً عابثاً ليس صحيحاً فهذا من الكفريات، وكذا يدخل في الأستهزاء ما يكون بالفعل كأن يضع الإنسان المصحف تحت قدمه أو يضعه في القاذورات بقصد ذلك فلا شك أنه كفر بالله سبحانه.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام