فيُقال لِهَذَا الْمُعَارِضِ: أَمَّا مَا ادَّعَيْتَ أَنَّ قَوْمًا يَزْعُمُونَ أَنَّ لِلَّهِ عَيْنًا فَإِنَّا نَقُولُهُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ قَالَهُ وَرَسُولَهُ1، وَأَمَّا جَارِحٌ كَجَارِحِ الْعَيْنِ مِنَ الْإِنْسَانِ عَلَى التَّرْكِيبِ فَهَذَا كَذِبٌ ادَّعَيْتَهُ عَمْدًا، لِمَا أَنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّ أَحَدًا لَا يَقُولُهُ، غَيْرَ أَنَّكَ لَا تَأْلُو مَا شَنَّعْتَ، لِيَكُونَ أَنْجَعَ لِضَلَالَتِكَ2 فِي قُلْوبِ الْجُهَّالِ، وَالْكَذِبُ لَا يَصْلُحُ مِنْهُ جِدٌّ وَلَا هَزْلٌ، فَمِنْ أَيِّ النَّاسِ سَمِعْتَ أَنَّهُ قَالَ: جَارِحٌ مُرَكَّبٌ؟ فأشِرْ إِلَيْهِ، فَإِنَّ قَائِلَهُ كَافِرٌ، فَكَمْ تكَرر3 قَوْلك: جسم مركب، وأعشاء وَجَوَارِحُ، وَأَجْزَاءٌ، كَأَنَّكَ تُهَوِّلُ4 بِهَذَا التَّشْنِيعِ عَلَيْنَا أَنْ نَكُفَّ عَنْ وَصْفِ اللَّهِ بِمَا وَصَفَ نَفْسَهُ5 فِي كِتَابِهِ، وَمَا وَصَفَهُ الرَّسُولُ.
وَنَحْنُ وَإِنْ لَمْ نَصِفِ اللَّهَ بِجِسْمٍ كَأَجْسَامِ الْمَخْلُوقِينَ، وَلَا بِعُضْوٍ وَلَا بِجَارِحَةٍ؛ لَكِنَّا نَصِفُهُ بِمَا يَغِيظُكَ مِنْ هَذِهِ الصِّفَاتِ الَّتِي أَنْتَ ودُعَاتُك لَهَا مُنْكِرُونَ، فَنَقُولُ: إِنَّهُ الْوَاحِدُ الْأَحَدُ الصَّمَدُ6 الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ، ذُو الْوَجْه الْكَرِيم، والسمع السَّمِيع، والبصرالبصير، نورالسموات وَالْأَرْضِ، وَكَمَا وَصَفَهُ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي دُعَائِهِ حِين يَقُول:
1 كذ فِي الأَصْل، وَفِي ط، ش"لِأَن الله تَعَالَى قَالَه وَرَسُوله قَالَه"، وَفِي س"لِأَن الله تَعَالَى قَالَه وَرَسُوله".
2 فِي س، ش"لضلالك".
3 فِي ش"فكم تقرر".
4 فِي ش"تهود"بِالدَّال الْمُهْملَة، ويتضح الْمَعْنى بِمَا فِي الأَصْل.
5 فِي ط، ش"بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ".
6 فِي ط، ش"الْفَرد الصَّمد".