فهرس الكتاب
الصفحة 508 من 984

"لَا حُكْمَ إِلَّا لِلَّهِ"فَقَالَ:"كَلِمَةُ حَقٍّ يُبْتَغَى بِهَا بَاطِلٌ"1 فَقَدْ خُضْتَ فِيهَا أَيُّهَا الْمُعَارِضُ بِأَقْبَحِ خَوْضٍ2 وَضَرَبْتَ لَهُ أَمْثَالَ السُّوءِ، وَصَرَّحْتَ بِأَنَّهُ مَفْعُولٌ، كَمَا قَالَ إِمَامُكَ الْمَرِيسِيُّ: مَجْعُولٌ3 وَكُلُّ مَجْعُولٍ4 عِنْدَكَ مَخْلُوقٌ لَا شَكَّ فِيهِ.

وَيْحَكَ! إِنَّمَا كَرِهَ السَّلَفُ الْخَوْضَ فِيهِ مَخَافَةَ أَنْ يَتَأَوَّلَ أَهْلُ الْبِدَعِ وَالضَّلَالِ وَأَغْمَارُ5 الْجُهَّالِ مَا تَأَوَّلْتَ فِيهِ أَنْتَ وَإِمَامُكَ الْمَرِيسِيُّ، فَحِينَ تَأَوَّلْتُمْ فِيهِ خِلَافَ مَا أَرَادَ اللَّهُ، وَعَطَّلْتُمْ صِفَاتِ اللَّهِ، وَجَبَ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ عِنْدَهُ بَيَانٌ أَنْ يَنْقُضَ عَلَيْكُمْ دَعْوَاكُمْ فِيهِ وَلَمْ يَكْرَهِ السَّلَفُ الْخَوْضَ فِي الْقُرْآنِ جَهَالَةً بِأَنَّ كَلَامَ الْخَالِقِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، وَلَا جَهَالَةً أَنَّهُ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِهِ، حَتَّى لَوْ قَدِ ادَّعَى مُدَّعٍ فِي زَمَانِهِمْ أَنَّهُ مَخْلُوقٌ مَا كَانَ سَبيله

1 ذكر ابْن خلدون أَن الَّذِي قَالَ:"لَا حكم إِلَّا لله"هما زرْعَة بن البرح الطَّائِي وحرقوص بن زُهَيْر السَّعْدِيّ من الْخَوَارِج، وَذَلِكَ لما امْتنع عَليّ عَن موافقتهما على نقض الْعَهْد، فَقَالَ زرْعَة: لَئِن لم تدع تحكيم الرِّجَال لأقاتلنك أطلب وَجه الله فَقَالَ عَليّ: بؤسًا لَك، كَأَنِّي بك قَتِيلا تسفى عَلَيْك الرِّيَاح قَالَ: لَوَدِدْت لَو كَانَ ذَلِك،

وخرجا من عِنْده يناديان: لَا حكم إِلَّا لله.

وخطب عَليّ يَوْمًا كَامِلا فَتَنَادَوْا من جَوَانِب الْمَسْجِد بِهَذِهِ الْكَلِمَة، فَقَالَ على:"الله أكبر، كلمة حق أُرِيد بهَا بَاطِل"انْتهى بِتَصَرُّف، انْظُر: تَارِيخ ابْن خلدون المجلد الثَّانِي، الْقسم الْخَامِس ص"1118"، وَانْظُر: تَارِيخ الْأُمَم والملوك، لأبي جَعْفَر الطَّبَرِيّ 6/ 40-41.

2 فِي ط، س، ش"الْخَوْض".

3 فِي ط، ش"أَنه مجعول".

4 فِي ط، س، ش"وكل مفعول".

5 الأغمار، تقدم مَعْنَاهَا ص"147".

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام