شَعُرْتَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ أَنَّكَ وَصَفْتَهُ بأقبح حُلُول فِي الْأَمَاكِن أفحش1 مِمَّا عِبْتَ عَلَى غَيْرِكَ؛ لِأَنَّا قد أَيّنَا لَهُ مَكَانا وَاحِدًا، أَعْلَى مَكَانٍ، وَأْطَهَرَ مَكَانٍ2 وَأَشْرَفَ مَكَانٍ: عَلَى عَرْشِهِ الْعَظِيمِ الْمُقَدَّسِ الْمَجِيدِ، فَوْقَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ الْعُلْيَا، حَيْثُ لَيْسَ مَعَهُ هُنَاكَ إِنْسٌ وَلَا جَان3 وَلَا بجنبيه حُشٌّ4 وَلَا مِرْحَاضٌ وَلَا شَيْطَانٌ.
وَزَعَمْتَ أَنْتَ وَالْمُضِلُّونَ مِنْ زُعَمَائِكَ أَنَّهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ، وَفِي كُلِّ حُشٍّ وَمِرْحَاضٍ، وَبِجَنْبِ كُلِّ إِنْسِيٍّ5 وَجَانٍّ، أَفَأَنْتُمْ تُشَبِّهُونَهُ بِالْحُلُولِ6 فِي الْأَمَاكِنِ، أَمْ نَحْنُ؟ هَذَا وَاضِحٌ بَيْنَ مَذْهَبِكُمْ وَدَعْوَاكُمْ، صَرَّحْتَ بِهَا أَيُّهَا الْمُعَارِضُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِكَ، وَلَكِنَّكَ تَقُولُ الشَّيْءَ فَتَنْسَاهُ، ثُمَّ تَنْقُضُهُ7 عَلَى نَفسك وَأَنت تَشْعُرُ بِهِ حَتَّى يَأْخُذَ بِحَلْقِكَ. الْحَمد لِلَّهِ الَّذِي أَعَانَنَا عَلَيْكَ بِالنِّسْيَانِ، وكثيرة الهذيان.
1 فِي ط، ش"وأفحش".
2 كَذَا فِي الأَصْل ولعلها"وَأظْهر"بِالْمُعْجَمَةِ.
3 ترك هَذَا النَّفْي أولى وأليق بتنزيه الرب.
4 تقدم معنى الحش ص"443"."
5 فِي ط،"كل إنس"وَفِي ش"كل إِنْسَان".
6 فِي ط، ش"أفأنتم تشبهونه، إِذْ قُلْتُمْ بالحلول"وَهُوَ أوضح.
7 فِي ط، ش"ثمَّ تنقص".