وفتح هذا الباب دون ضابط من الشرع أو دليل يدل عليه هو في الحقيقة فتح باب عظيم من الشر على دين الله، وفيه تعطيل لكثير من أدلة الشريعة، ولو قال قائلهم: إن إظهار هذه الملة العظيمة وإعلانها منوط بالاستطاعة، لما تعرضنا له، لكنهم أرادوا إماتتها بحجة أنها مدنية، نزلت لما كان للمسلمين دولة.. مع أن إبراهيم والذين معه عندما قالوها وصدعوا بها، كانوا مستضعفين ولم تكن لهم دولة، ومع ذلك بيّن الله أن لنا فيهم أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر.. ومعلوم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سار على طريقهم، فكان أهم مهمات دعوته طوال حياته سواء المكية منها أو المدنية، الصدع بالتوحيد والبراءة من الشرك والتنديد، وما يتعلق بذلك ويلزم عنه من عرى الإيمان الوثقى.. وسيرته صلوات الله وسلامه عليه شاهدة بذلك وقد ذكرنا لك أمثلة منها في هذا الكتاب..
ثم هب جدلاً أن ما قالوه في آية الممتحنة المدنية حقاً.
فهل سورة البراءة من الشرك كذلك؟؟ { قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون } إلى قوله تعالى: { لكم دينكم ولي دين } [الكافرون: 1-6] .
وهل قوله تعالى: { تبَّتْ يدا أبي لهب وتب } [المسد: 1] .. إلى آخر الآيات كذلك؟؟ وقوله تعالى: { أفرأيتم اللات والعزى * ومناة الثالثة الأخرى * ألكم الذكر وله الأنثى * تلك إذا قسمة ضيزى * إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان } الآيات [النجم: 19-23] .
ومثل ذلك قوله تعالى: { إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون * لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها وكل فيها خالدون } [الأنبياء: 6] .
ونحو ذلك من آيات الكتاب المكية وهي كثير..
وقد ذكرنا في هذا الكتاب قوله تعالى: واصفاً نبيه: { وإذا رءاك الذين كفروا إن يتخذونك إلا هزواً أهذا الذي يذكر آلهتكم } ... [الأنبياء: 36] .