ولقد سمعناهم يرمون من خالفهم أو انكر عليهم ذلك، بضحالة الفكر وقلة الخبرة وأنهم ليس عندهم حكمة في الدعوة ولا صبر في اقتطاف الثمر أو بصيرة في الواقع والسنن الكونية.. وأنهم ينقصهم علم بالسياسة وعندهم قصور في التصورات.. وما درى هؤلاء المساكين.. أنهم لا يرمون بذلك أشخاصاً محددين، وإنما يرمون بذلك دين جميع المرسلين وملة إبراهيم.. التي من أهم مهماتها إبداء البراءة من أعداء الله والكفر بهم وبطرائقهم المعوجة وإظهار العداوة والبغضاء لمناهجهم الكافرة.. وما دروا أن كلامهم ذلك يقتضي أن إبراهيم والذين معه لم يكن عندهم حكمة بالدعوة ولا دراية بالواقع.. وأنهم كانوا متطرفين متسرعين.. مع أن الله عز وجل قد زكاهم وأمرنا بالتأسي بهم.. فقال: { قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه } [الممتحنة: 4] ، وقال سبحانه: { ومن أحسن ديناً ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفاً واتخذ الله إبراهيم خليلاً } [النساء: 125] ، ونزه سبحانه إبراهيم من السفه فوصفه بالرشد فقال: { ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل وكنا به عالمين } [الأنبياء: 51] ، ثم ذكر دعوته، بل بيّن سبحانه كما قدمنا أن ملة إبراهيم لا يرغب عنها إلا السفيه.. وأنى للسفيه حكمة الدعوة ووضوح التصورات وصحة المنهج واستقامة الطريق المزعومة..؟؟