* يقول الشيخ العلامة عبد الرحمن بن حسن بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب:"وقد افترض الله تعالى البراءة من الشرك والمشركين والكفر بهم وعداوتهم وبغضهم وجهادهم: { فبدّل الذين ظلموا قولاً غير الذي قيل لهم } [البقرة: 59] ، فوالوهم وأعانوهم وظاهروهم، واستنصروا بهم على المؤمنين وأبغضوهم وسبوهم من أجل ذلك، وكل هذه الأمور تناقض الإسلام كما دل عليه الكتاب والسنة في مواضع".
-وهاهنا شبهة يطرحها كثير من المتسرعين، وهي قولهم إن ملة إبراهيم هذه إنما هي مرحلة أخيرة من مراحل الدعوة، يسبقها البلاغ بالحكمة والجدال بالتي هي أحسن، ولا يلجأ الداعية إلى ملة إبراهيم هذه من البراءة من أعداء الله ومعبوداتهم والكفر بها وإظهار العداوة والبغضاء لهم إلا بعد استنفاذ جميع أساليب اللد ين والحكمة.. فنقول وبالله التوفيق: إن هذا الإشكال إنما حصل بسبب عدم وضوح ملة إبراهيم لدى هؤلاء الناس، وبسبب الخلط بين طريقة الدعوة للكفار ابتداء وطريقتها مع المعاندين منهم.. وأيضاً الفرق بين ذلك كله وبين موقف المسلم من معبودات ومناهج وشرائع الكفار الباطلة نفسها.. فملة إبراهيم من حيث أنها إخلاص للعبادة لله وحده وكفر بكل معبود سواه لا يصح أن تؤخر أو تؤجل.. بل ينبغي أن لا يبدأ إلا بها، لأن ذلك هو تماماً ما تحويه كلمة لا إله إلا الله من النفي والإثبات وهو أصل الدين وقطب الرحى في دعوة الأنبياء والمرسلين، ولأجل أن يزول عنك، كل إشكال فهاهنا قضيتان:
* الأولى: وهي البراءة من الطواغيت والآلهة التي تعبد من دون الله عز وجل والكفر بها، فهذه لا تؤخر ولا تؤجل.. بل ينبغي أن تظهر وتعلن منذ أول الطريق.
* الثانية: البراءة من الأقوام المشركين هم أنفسهم إن أصروا على باطلهم. وإليك التفصيل والبيان:-