الصفحة 3 من 24

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي أنزل القرآن فرقاناً وتبيانا ً، وأرسل المرسلين مبشرين بالحق ومنذرين الخلق فقامت الحجة واتضحت المحجة: {فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين} ، وصلى الله على محمد وآله وصحبه الطيبين.

أما بعد:

قال تعالى: {اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولاتتبعوا من دونه أولياء قليلاً ما تذكرون} ، وقال تعالى: {يأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا} فأمر سبحانه باتباع ما أنزل من القرآن ونهانا عن التقليد والأرآء المجردة والأهواء المضلة وأمر بطاعته، وطاعة رسوله مطلقاً وأولي الأمر تبعاً لا استقلالاً، وأوجب علينا عند التنازع فيما بيننا الرجوع إلى كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وقد نقل الشافعي الإجماع أن من استبانت له السنه لم يكن له أن يدعها لقول من قال.

وليعلم الناظر في هذه الرسالة: أنا قد اطلعنا على رسالة"ضوابط التكفير"لصاحبها؛ عبد الله بن محمد القرني، فوجدناها قد ملئت أخطاء كثيرةً في مباحث مهمة في العقيدة فقمنا بإرسال بعض التنبيهات وذلك حين صدورها [1] عن طريق المشايخ الذين لهم صلة وثيقة بالمؤلف، ثم مكثنا بعد ذلك ثلاث سنين أو فوقها بقليل ولم نر شيئا، ثم استخرنا الله في أن نبين أهم المسائل التي أخطأ فيها المؤلف، فأعرضنا عن نزر يسير إيثاراً للاختصار وخشية التطويل، وخصوصاً أنه نسب كل ما في الكتاب لأهل السنه والجماعة.

فقمنا بالرد عليها إظهاراً للحق ونصحاً للخلق وبراءة للذمة وخلواً للعهدة.

ولسنا بذلك مدعين للتحقيق أو المشيخة والتصنيف، بل كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (رب حامل فقه إلى من هو أفقه منه) ، وفي رواية: (رب مبلغ أوعى له من سامع) ، وقال صلى الله عليه وسلم: (بلغوا عني ولو آية) ، وإنما هي نقولات قمنا بجمعها وحشدها لمناسبة الحال والمقال بل تأتي غالباً منطبقة في الرد على ما يذكره المؤلف في رسالته تماماً بلا زيادة أو نقصان.

فسبحان من نصر دينه بساطع البرهان وتعهد بحفظه على مر العصور والأزمان، فكلما اقفرت منه أرض حلّ في غيرها، وما غاب نجم عن سمائها إلا لاح فيها غيره.

فالحق ليس بمعدوم، بل هو موجود ولكنه مفقود عند كثير من الناس بسبب القصور أو التقصير أو كليهما، وإلا فمن بحث عنه وطلبه وصلحت نيته، وحسن قصده وجده، فمن استبان له الحق لزمه ولم يتعداه إلى غيره، فالحق هو الضالة المنشودة، والدرة المفقودة، فمتى ظفر بها المنصف استوثق منها وعض عليها بالنواجذ وثنا عليها الخناصر والبناصر، قال تعالى: {فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هدى فلا يضل ولا يشقى ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى} .

هذا وصلى الله على محمد

وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً

وقبل الشروع في المقصود نود أن نضع مقدمة لابد منها فنقول ...

[1] وقد أعيد طبعها في عام 1420 هـ، والطبعة الأولى هي التي تم العزو إليها في هذه الرسالة.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام