الصفحة 20 من 24

وأما من كان مجتهداً في طلب الحق واستفرغ وسعه؛ فهذا يثاب على اجتهاده ويغفر له خطأه، وأما من كان مفرطاً في طلب الحق مع قدرته عليه؛ فهو آثم.

كما سبق نقل كلام شيخ الإسلام: (من اجتهد من أمة محمد صلى الله عليه وسلم وقصد الحق، فأخطأ لم يكفر، بل يغفر له خطأه، ومن تبين له ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، فشاق الرسول من بعد ما تبين له الهدى واتبع غير سبيل المؤمنين؛ فهو كافر ومن اتبع هواه، وقصر في طلب الحق، وتكلم بلا علم؛ فهو عاص مذنب) اهـ.

فليس كل مبتدع، ولا فاسق، ولا عاص يلحقه الوعيد.

قال شيخ الإسلام رحمه الله: (ثم حيث قدر قيام الموجب للوعيد فإن الحكم يتخلف عنه لمانع، وموانع لحوق الوعيد متعددة: منها التوبة، ومنها الاستغفار، ومنها الحسنات الماحية للسيئات، ومنها بلاء الدنيا ومصائبها، ومنها شفاعة شفيع مطاع، ومنها رحمة أرحم الراحمين، فإذا عدمت هذه الأسباب كلها - ولن تعدم إلا في حق من عتى وتمرد وشرد عن الله شراد البعير على أهله - فهنالك يلحق به الوعيد، وذلك أن حقيقة الوعيد بيان أن هذا العمل سبب في هذا العذاب، فيستفاد من ذلك تحريم الفعل وقبحه، أما أن كل شخص قام به ذلك السبب يجب وقوع ذلك المسبب به؛ فهذا باطل قطعاً، فتوقف ذلك المسبب على وجود الشرط وزوال جميع الموانع) [162] اهـ.

[162] مجموع الفتاوى: 20/ 254 - 255.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام