فهرس الكتاب
الصفحة 15 من 43

ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم:"إن الله تعالى قال لموسى: لا يراني حي إلا مات، ولا يابس إلا تدهده، ولا رطب إلا تفرق، إنما يراني أهل الجنة" [1] الحديث.

الرابع: أن الله تعالى علقه بشرط متصور متكون وهو: استقرار الجبل، واستقرار الجبل من الجائزات، فكان تعليق الرؤية به دليلاً أنها جائزة.

الخامس: ما عاتبه على هذا السؤال، ولو كان خارجاً عن الحكمة لعاتبه كما عاتب نوحاً وغيره من الأنبياء، لقوله تعالى:

"إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ" (هود: 46) .

لما سأله إنجاء ابنه، وكما عاتب آدم عليه السلام على أكل الشجرة.

السادس: أنها قال تعالى:"فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً" (الأعراف: 143) .

والتجلي: هو الظهور، رواه الشيخ أبو منصور الماتريدي -رحمه الله- عن أهل التأويل.

وقال أبو منصور: لا ينبغي أن يفهم من ظهوره ما يفهم من ظهور غيره، بل يفهم أن بينه وبين الله تعالى حجاب فارتفع وظهر، والاستدلال بهذه يغني عن الاستدلال بالمعقول. كيف وقد روى حديث الرؤية عن الرسول صلى الله عليه وسلم عدة من الصحابة كلهم أئمة قدوة كابن عباس، وابن عمر، وابن مسعود، وصهيب، وأنس بن مالك، وأبي موسى الأشعري، وأبي هريرة، وأبي سعيد الخدري، وعمار بن ياسر، وجابر بن عبدالله، ومعاذ بن جبل، وثوبان، وعمر بن دويبة الثقفي، وحذيفة، عن أبي بكر، وزيد بن ثابت، وجرير بن عبدالله، وأبي أمامة، وبريدة السلمي، وأبي بردة، وعبدالله بن الحرثي بن جزيء الزبيدي، واحد وعشرون رجلاً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمن كذب الرؤية فقد كفر وقصد تكذيب هؤلاء السادة القادة أوتاد الدين ونقلة الشرع وليوث الإسلام وعمدة الملة وقد حل خبرهم محل التواتر [2] .

ثم الدليل العقلي أيضا: يجوز رؤية الله تعالى وذلك أن كل موجود قائم بذاته جائز

حاشية

[1] رواه أبو نعيم في حلية الأولياء (235/ 10) ، والحكيم الترمذي في نوادر الأصول (45/ 2) ، (208/ 3) ، والديلمي في الفردوس (267/ 2) .

[2] انظر: حد الجديث المتواتر في تدريب الراوي السيوطي (176/ 2) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام