وإنما قسمت كذلك نظراً للاستعمال القرآني من جهة، ولكونها في اللغة كذلك، قال ابن القيم الجوزية:
(فأفعاله نوعان: لازمة، ومتعدية كما دلت النصوص التي هي أكثر من أن تحصر على النوعين) [1] .
وقال رحمه الله: (المجيء والإتيان والذهاب والهبوط هذه من أنواع الفعل اللازم القائم به، كما أن الخلق والرزق والإماتة والإحياء والقبض والبسط أنواع الفعل المتعدي، وهو سبحانه موصوف بالنوعين وقد يجمعهما كقوله:(خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْش) (الحديد/4 ) ) [2] .
السبل لمعرفة الصفات على ضوء الأدلة وإثباتها فهي:
1.من النص على الصفة في الكتاب والسنة (توقيفا) . مثال: صفة العزة، قال تعالى: (وَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (يونس/65) .
2.من خلال دلالة الاسم على الصفة. مثال: اسم الله (الحفيظ) يدل على ذات الله وعلى صفة (الحفظ) بدلالة المطابقة، وعلى ذات الله وحدها بالتضمن وعلى الصفة وحدها بالتضمن، والحفيظ على تقدير معنى (العلم والإحاطة بكل شيء) فإنه يدل على (صفة الذات) ، قال تعالى: (إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ) (هود/57) ، وعلى تقدير معنى (الرعاية والتدبير) فإنه يدل على (صفة فعل) ، قال تعالى: (فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلغَيْبِ بِمَا حَفِظَ الله) (النساء/34) ، ويدل باللزوم على الحياة والقيومية والسمع والبصر والعلم والقدرة والقوة والعزة وغير ذلك من صفات الكمال.
3.من خلال الفعل الدال على الصفة (وصف الفعل) . مثال: صفة الفعل (الاستواء) ، قال تعالى: (الذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى العَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَل بِهِ خَبِيراً) (الفرقان/59) ، فالاستواء على العرش وصف فعل يتعلق بمشيئة الله تم بعد خلق السماوات والأرض.
أما العلو الذي دل عليه اسمه الله تعالى (العلي) فهو وصف ذات من لوازم الذات الإلهية، وهو أعم من الاستواء، فكل استواء علو وليس كل علو استواء.
4.من النفي؛ فكل نفي نثبت منه كمال ضده. وهذه هي القاعدة المقررة عند أهل السنة والجماعة فيما يُنفَى في القرآن وفي السنة عن الله تعالى؛ إنما هو لإثبات كمال ضده من صفات الحق.
(1) المصدر السابق ص 449.
(2) المصدر السابق ص 470.