فهرس الكتاب
الصفحة 69 من 218

بنائهم الدين على القياس الفاسد الكلامي، وردهم لما جاء به الكتاب والسنة )) [1] .

و قال المحقق ابن قيم الجوزية: (( والمعتزلة مشبهة الأفعال، والمشبهة مشبهة الصفات وكل منهما أعور. فإن من قال: يَحسُن منه ما يَحسُن منا، ويقبح منه ما يقبح منا، فقد شبه الخالق بالخلق ومن قال: يُوصف الباري بما يوصف به الخلق أو يوصف الخلق بما يوصف به الخالق فقد اعتزل عن الحق ) ) [2] .

و سابعا لقد اتضح أن المعتزلة متناقضون مع أنفسهم في نفيهم للصفات الإلهية كلية، و في قولهم بالتأويل التحريفي و ممارستهم له من جهة أخرى. فلماذا استخدموا التأويل التحريفي بما أنهم نفوا الصفات الإلهية؟؟!! و ماذا يُؤوّلون بما أنهم نفوا الصفات؟!. فلا يصح الجمع بينهما، و من يجمع بينهما فهو متناقض، لأن التأويل التحريفي ليس نفيا، و إنما هو تعطيل لصفة و تعويضها بصفة أخرى، و بمعنى آخر هو استبعاد صفة، و استبدالها بصفة أخرى.

و أخيرا- ثامنا- ربما يعترض علينا بعض أهل العلم، فيقول: إن المعتزلة نفوا اتصاف الله تعالى بصفات حقيقية أزلية، لأن هذا يُؤدي إلى القول بتعدد القدماء. و هذا الذي وقع فيه النصارى، فهم كفروا لأنهم أثبتوا أكثر من أزلي واحد.

و أقول: هذا اعتراض لا يصح لأن الصفات تابعة للذات، و لا وجود للصفات دون الذات، و لا ذات دون صفات. و عليه فإذا كانت الذات أزلية فصفاتها تابعة لها و أزلية و ليست ذاتا. و إذا كانت الذات مخلوقة فصفاتها تابعة لها و هي مخلوقة و ليست ذاتا، و هذا أمر سبق بيانه مرارا، وبه يسقط هذا الاغتراض. و أما فيما يخص النصارى، فهم في الحقيقة لم يثبتوا ثلاثة صفات، وإنما أثبتوا ثلاث ذوات منفصلة، و كل ذات هي إله. و هذا ثابت بدليل القرآن الكريم، و أقوال كبار المُفسرين، و اعتراف النصارى أنفسهم. و هذا أمر سبق أن بيناه و وثقناه فلا نعيده هنا

(1) ابن تيمية: منهاج السنة النبوية، حققه رشاد سالم، ط 1، مؤسسة قرطبة، القاهرة، 1406، ج 1 ص: 241. و مجموع الفتاوى، ج 2 ص: 8.

(2) ابن قيم الجوزية: الصواعق المرسلة على الجهمية و المهطلة، ط 3، دار العاصمة، الرياض، 1998، ج 4 ص: 1544.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام