ولهذا قال ابنُ عبد البرِّ:"لم يُنْصِفْ من زَعَمَ أن علم النَّسبِ علمٌ لا ينفع، وجهلٌ لا يضرُّ" (1) .
وقال ابن حزم (2) :"إنَّ فيه ما هو فرضٌ على كلِّ أحد، وما هو فرضٌ على الكفاية، وما هو مستحب" (3) ، ثم فصَّل ذلك بما يطول إيرادُهُ (4) .
وبالجملة؛ فالذي يظهر كما قاله شَيْخُنا -رحمه الله- حَمْل ما ورد من ذمِّه على التعمُّق فيه حتى يُشْتغلَ به عما هو أهمّ منه (5) ، وحَمَلَ ما ورد في استحسانه، يعني (6) على كثير من فوائده التي أورد منه جملةً (7) .
26 -وقد روينا من حدب الرَّبيعِ بنِ سَبْرةَ (8) ، أنه سمع عمرو بنَ مُرَّة الجُهَنيَّ رضي الله عنه يقول: سمعتُ رسولَ اللهِ [ح 16/ ب] -صلى الله عليه وسلم- يقول:"مَنْ كان هاهنا من مَعَدٍّ قاعدًا فليقم"، فقمتُ!
فقال:"اقْعُدْ"؛ فَعَلَ ذلك ثلاثَ مراتٍ كلَّما أقومُ يقول:"اقْعُدْ".
(1) "الإِنباه على قبائل الرواة" (ص 55) ؛ ونصُّ كلامه:"ولعمري ما أنصف القائل إنَّ علم النَّسب ..."إلخ.
(2) هو أبو محمد، علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي القرطبي الظاهري، صاحب المصنَّفات. ولد سنة (384 هـ) . وسمع يحيى بن مسعود ويونسَ بنَ عبد الله. وحدَّث عنه ابنه أبو رافع، وأبو عبد الله الحُميدي. كان إمامًا حافظًا ثقة. متفننًا في علوم جمَّة. من أشهر مؤلفاته:"المحلَّى". مات مشردًا عن بلده ببادية لَبْلَة سنة (456 هـ) ."سير أعلام النبلاء" (18/ 184) ، و"شذرات الذهب" (3/ 299) .
(3) "جمهرة أنساب العرب" (ص 2) ؛ ونصُّ كلامه:"وقد جعل الله تعالى جزءًا منه تعلُّمه لا يسع أحدًا جهله، وجعل تعالى جزءًا يسيرًا منه فضلًا تعلُّمه، يكون مَنْ جَهِلَهُ ناقص الدرجة في الفضل".
(4) انظر:"الجمهرة" (ص 2 - 3) .
(5) في (م) : (منها حمله) ، دون بقية الكلام.
(6) المراد به الحافظ ابن حجر.
(7) انظر:"فتح الباري" (6/ 527) ، وهو جمعٌ حسنٌ. أما الفوائد التي أورد منها المؤلف جملةً، فهي المتقدِّمة في أول هذه التتمة (ص 297) .
(8) في (م) : بسرة، وهو خطأ.