وانتهائهم في المعاصي إلى ما لا ينجح معه فيهم موعظةٌ، ولا يصرفهم عن غِيِّهِم تذكرةٌ، يقول عز من قائل: فإذا صاروا كذلك؛ أخرجنا لهم دابَّة من الأرض تكلِّمهم، أي: دابة تعقل وتنطق، والدَّوابُّ في العادة لا كلام لها ولا عقل؛ ليعلم النَّاس أن ذلك آية من عند الله تعالى (1) .
وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه:"وَقْعُ القول يكون بموت العلماء، وذهاب العلم، ورفع القرآن".
ثمّ قال:"أكثِروا تلاوة القرآن قبل أن يرفع". قالوا: هذه المصاحف ترفع، فكيف بما في صدور الرجال؟! قال:"يُسْرى عليه ليلًا، فيُصْبِحونَ منه قَفْرًا، وينسون (لا إلهَ إِلّا الله) ، ويقعون في قول الجاهليَّةِ وأشعارهم، وذلك حين يقعُ القولُ عليهم" (2) .
1 -روى الإِمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلم:"ثلاثٌ إذا خرجْنَ لا ينفع نفسًا إيمانُها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرًا: طلوع الشّمس من مغربها، والدَّجَّال، ودابَّة الأرض" (3) .
2 -وله عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما؛ قال: حفظتُ من
(1) "التذكرة" (ص 697) بتصرُّف يسير.
(2) "تفسير القرطبي" (13/ 234) .
(3) "صحيح مسلم"، كتاب الإِيمان، باب الزمن الّذي لا يقبل فيه الإِيمان، (2/ 195 - مع شرح النووي) .