ومما عدى بإلى وليس نصا في الرؤية قوله تعالى في صفة الكفار {وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} (1) فنفى تعالى كونه ناظرا إليهم وهو يراهم بلا خلاف والمفسرون قاطبة على أن معنى الآية لا يرحمهم ولا يحسن إليهم ولا ينيلهم خيرا، فالنظر المنفى هنا والمعدى بإلى غير الرؤية. (2)
وقد قال تعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} (3) ذكر في الآية النظر وعداه بإلى وأراد به الانتظار.
وقال الأبيوردى:
هي التي لا تزال الدهر ناظرة ... إلى العلى ولسؤال وفي كتب (4)
فقوله ناظرة إلى العلا أي إنها طالبة له ومتوقعة. (5)
عرفنا مما ذكر أن النظر يرد في اللغة بمعنى الانتظار، والإنعام والتفكر، والرؤية على حسب وروده تجردا وتعدية ولكنه إذا عدى بإلى وأضيف إلى الوجه الذي هو محل البصر فلا يحتمل إلا الرؤية بالأعين وهذا هو ما وردت به الآية الكريمة فهي نص في الرؤية ولا تحتمل غيرها من المعاني.
يقول أبو الحسن الأشعري بعد ذكر الآية:"ولا يجوز أن يكون"
(1) سورة آل عمران: آية (77) .
(2) انظر الأربعين في أصول الدين للرازي ص (202، 203) ، تفسير ابن كثير (2: 59، 60) ، الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (2: 235) ، مجمع البيان للطبرسي (2: 122) ، روح المعاني للألوسي (3: 204) ، تفسير الخازن (1: 311) .
(3) سورة البقرة: آية (280) .
(4) ديوان الأبيوردي (2: 33) .
(5) انظر الأربعين في أصول الدين للرازي ص (208) .