ومما يدل على أن سمع الله تعالى وبصره غير علمه تفريقه سبحانه بين السمع والبصر كما في الآية المذكورة وفي غيرها كقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا} (1) .. وقوله: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} (2) . وقوله: {لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ} (3) . وقوله: {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ} (4) . وقوله {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى} (5) .
فالآيات تفرق بين العلم وبين السمع والبصر ولا يفرق بين علم وعلم لتنوع المعلومات كما قال: {الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ (218) وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ (219) إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} (6) ، وقوله: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (7) . وقال سبحانه: {وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (8) . وفي الآيات السابقة ذكر سمعه لأقوالهم وعلمه ليتناول باطن أحوالهم.
قال أبو منصور الماتريدي في تفسير قوله تعالى: إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ
(1) سورة النساء: آية (58) .
(2) سورة المجادلة: آية (1) .
(3) سورة آل عمران: آية (181) .
(4) سورة الزخرف: آية (80) .
(5) سورة العلق: آية (14) .
(6) سورة الشعراء: الآيات (218 - 220) .
(7) سورة الأعراف: آية (200) .
(8) سورة البقرة: آية (227) .