دَعْوَاكَ، فَمَا بَالُ هَذِهِ الْمِنَّةِ وُضِعَتْ عَلَى آدَمَ1 مِنْ بَيْنِ الْخَلَائِقِ2 وَكُلُّ الْخَلْقِ فِي نِعْمَتِهِ وَقُدْرَتِهِ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ؛ إِذْ كُلُّ3 خَلْقٍ فِي دَعْوَاكَ4 بِنِعْمَتِهِ وَقُدْرَتِهِ لَا بِيَدَيْهِ؟، وَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَخْلِطَ الْقُدْرَةَ بِالنِّعْمَةِ، وَالْقُدْرَةُ غَيْرُ مَخْلُوقَةٍ، وَالنِّعْمَةُ كُلُّهَا مَخْلُوقَةٌ؟ هَذَا كَلَامٌ لَا يَخْرُجُ مِنْ جَوْفِ عَاقِلٍ، وَمَا يُوَفَّقُ لِمِثْلِهِ إِلَّا كُلُّ جَاهِلٍ.
ثُمَّ رَوَيْتَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ5 كَذِبًا أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى6: {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} 7 قَالَ:"نِعَمُ اللَّهِ"8 فَعَمَّنْ9 رَوَيْتَ هَذَا عَنِ الْحَسَنِ؟ فَاكْشِفْ عَنْ رَأْسِهِ، فَإِنَّكَ لَا تَكْشِفُ عَنْ ثِقَةٍ.
وَقَدْ أَكْثَرْنَا النَّقْضَ عَلَيْكَ وَعَلَى إِمَامِكَ الْمَرِيسِيِّ وَالثَّلْجِيِّ10 فِي تَفْسِيرِ الْيَدِ فِي صَدْرِ كِتَابِنَا هَذَا11، غَيْرَ أَنَّكَ أَعَدْتَهَ فِي آخر الْكتاب فأعدناها12.
1 تقدّمت تَرْجَمته ص"177".
2 فِي ط، س، ش"الْخلق"
3 فِي الأَصْل"إِذْ كلا"وَفِي س"ان كلا"وَلم تهمز"إِن"وَبِمَا أثبتنا جَاءَ فِي ط، ش وَهُوَ الصَّوَاب، وَلَا حَاجَة لنصبها بعد"إِذْ"لِأَنَّهَا فِي مَحل رفع مُبْتَدأ.
4 فِي ش"هم فِي دعواك".
5 الْحسن الْبَصْرِيّ، تقدم ص"227".
6 لَفْظَة"تَعَالَى"لَيست فِي ط، س، ش.
7 سُورَة الْفَتْح، آيَة"10".
8 هَذَا من دَعْوَى الْمعَارض على أبي الْحسن رَضِي الله عَنهُ، وَيَكْفِي فِي رده توهين الدَّارمِيّ رَحمَه الله لَهُ.
9 فِي س"معن من".
10 فِي ط، ش"وَابْن الثَّلْجِي".
11 انْظُر من ص"230-299".
12 فِي ط، ش"فأعدنا هُنَا"، وَفِي س"فأعدنا هَذَا".