الصفحة 12 من 22

«آدم الخليفة» وقد ترتب عليه النزول المقدر منذ الأزل إلى الأرض واستعمارها.

وهناك حقيقة هامة في قضية الكفارة .. وهي أن الذين زعموا قتل المسيح هم اليهود، الذين جعل الله عليهم الإصر بسبب عنادهم، فكانت كفارة ذنوبهم هي أشد صيغ الكفارة ..

فعندما عبدوا العجل كانت الكفارة أن يقتل بعضهم بعضًا بحد السيف ..

وعندما رفضوا الدخول في الأرض المقدسة كتب الله عليهم التيه أربعين سنة ..

وعندما حُرِّم عليهم الصيد يوم السبت واصطادوا مسخهم الله قردة وخنازير ..

إن قياس هذه الأفعال وعقوبتها على زعمهم قتل ابن الله الوحيد، يجعل البشر يعجزون عن مجرد تخيل مدى العقوبة الواجبة على هذه الجريمة .. !

وعندما عصى آدم ربه في الجنة ترتب على تلك المعصية أن ظهرت سوءة آدم؛ لأنه بمجرد المعصية صار وجوده غير موافق لطبيعة الجنة، وكان ظهور السوءة علامة هذا الأمر؛ ليكون آدم وهو في الجنة ليس من أهلها، حتى يتم خروجه منها.

وقد برروا قولهم ببدعة الكفارة بأن الخطيئة خطأ في حق الله «المطلق» ، فلابد أن تكون للكفارة طبيعة «مطلقة» ولها نفس صفة الإطلاق التي للحق الإلهي .. !

لذا لزم أن تكون الكفارة هي ابن الله .. تعالى الله عما يقولون علوًّا كبيرًا .. !

وكون المعصية خطأ في حق الله .. فهذه حقيقة ..

ولكن الإسلام يعالج الفارق بين الحق المطلق لله في طاعة البشر، وبين مقتضى الطبيعة البشرية التي خلقها الله بهذا الضعف وتَحْدُثُ بها المعصية ..

فجاء في حق الله المطلق قوله سبحانه: {ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته} [آل عمران: 102] ..

وجاء في بلوغ حد الاستطاعة البشرية في طاعة الله قوله سبحانه: {فاتقوا الله ما استطعتم} [التغابن: 16] .

عن مرة عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( {حَقَّ تُقَاتِهِ} : أن يُطاع فلا يُعصى، وأن يُذكر فلا يُنسى، وأن يُشكر فلا يُكفر ) ) [1] وقال ابن عباس: هو ألا يُعصى طرفة عين.

(1) مصنف ابن أبي شيبة (7/ 106) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام