وباعتبار الهداية: كان الاستعداد للشكر بالفطرة، وللكفر بالضعف ..
القاعدة الأساسية للقضية: أنه لا يرث إنسان ذنب إنسان آخر، وهي المسئولية الفردية، ولكن الذنب يمكن أن يتعدى فاعلَه بمعنيين:
الأول: التعدي بمعنى العقوبة
حيث يتعدى أثر الذنب الفاعل المباشر إلى غيره بمعنى «العقوبة» ، وهذا التعدي له عدة أحكام أهمها:
من حيث الموقف من الذنب: أن يكون سببًا في الذنب بصورة مباشرة -وهي فعل الذنب- أو غير مباشرة -وهي الرضا عن الذنب- وفي قوله صلى الله عليه وسلم: (( ولكن من رضي وتابع ) ) [1] دليل على أن أثر الذنب قد يبلغ الراضين عن الذنب مع فاعله، وكذلك ترك الإنكار على فاعل الذنب مع استطاعة الإنكار، ابتداء من مرحلة المنع الفعلي إلى مرحلة الإنكار القلبي.
من حيث العلاقة بالمذنب: وهو أن يمتد ذنب الفاعل إذا كانت له ولاية، إذ يعاقب الوالي في ولايته، والراعي في رعيته، باعتبار أن العقوبة تكون عليه في ولايته ورعيته.
وتعالج آيات سورة الإسراء كل العناصر السابقة:
فمن حيث المسئولية الفردية: {وكل إنسان ألزمناه طآئره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا* اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا* من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا} [الإسراء: 13 - 15] .
ومن حيث المسئولية الجماعية: {وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا* وكم أهلكنا من القرون من بعد نوح وكفى بربك بذنوب عباده خبيرا بصيرا} [الإسراء: 16 - 17] .
من حيث طبيعة العقوبة: وكما كان هناك أحكام لتعدي أثر الذنب بمعنى «العقوبة» ، كان هناك أحكام لتعدي أثر الذنب بمعنى «البلاء» ، وتدور حول طبيعة العقوبة المترتبة على الذنب من حيث خصائصها ..
(1) رواه مسلم وتمامه: (( ستكون أمراء، فتعرفون وتنكرون، فمن عرف برئ، ومن نكر سلم، ولكن من رضي وتابع ) ) (1854) .