قضية الكفارة من أخطر أمثلة الخلل في العقيدة النصرانية، وقد نشأ هذا الخلل من ناحية غياب التصور الصحيح عن أسماء الله وصفاته وأفعاله
وجاء في هذه القضية تحديدا من فقدان العلاقة بين اسم الله «الرحمن» واسم الله «القدير» .. فعندما أحدث النصارى بدعة «الكفَّارة» ارتكزوا على معنى الرحمة دون معنى القدرة .. فقالوا: إن خطيئة آدم تستوجب الموت: (أجرة الخطية هي موت) (رومية 23: 6) .. وكان لا بد من كفارة تُرفع بها الخطيئة، فأنزل الله ابنه الوحيد ليصلب (!!) ولتكون الكفارة - تعالى الله عما يقولون علوًا كبيرًا-
ولو أن معنى القدرة على المغفرة كان قائمًا مع معنى الرحمة .. لكان رفع الخطيئة أمرًا يسيرًا ..
وخصوصًا أن الكفارة جاءت بصورة مأساوية .. يظهر فيها معنى الاضطرار الإلهي واضحًا! ويغيب فيها معنى القدرة على مغفرة الذنب دون نزول ابن الله «الوحيد» .. !!
ومن هنا كان ارتباط قضية عيسى باسم الله «العزيز» كما حددته الآيات بكمال القدرة على المغفرة .. يفسر جانبًا خطيرًا من القضية، وهو المتعلق بمعصية آدم وفكرة الكفارة المختلقة.
إذ إن التناقض في هذه القضية هو أن «الكفَّارة بصلب المسيح» التي حاولوا بها إثبات حقيقة العدل، أضاعوا بها حقيقة القدرة الإلهية على مغفرة الذنب، وهي «العزة» التي تثبتها الآية.
ومما يتمم ارتباط اسم الله «العزيز» بنفي الصلب وبدعة الكفارة .. ارتباطه بالقدرة على إنجاء عيسى ورفعه إلى السماء، وذلك في قول الله: {وبكفرهم وقولهم على مريم بهتانا عظيما*وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقينا*بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزا حكيما} [النساء: 156 - 158] .
ولما كان إثبات العزة لله نافيًا عنه اتخاذ الولد والكفارة .. كان إثبات العزة إثباتًا لقَدْر الله حق قدره كما قال سبحانه: {ما قدروا الله حق قدره إن الله لقوي عزيز} [الحج: 74] ، فلا يكون تقدير الله حق قدره .. إلا بنفي الولد عنه سبحانه وتعالى.
وبذلك يتبين المدخل الي البدعة .. أما صياغتها وطرحها من البداية الى النهاية ...