الصفحة 20 من 22

قال الله عز وجل على لسان عيسى عليه السلام: {إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة: 118] .

عَقَّب بـ «العزيز الحكيم» على المغفرة حتى يُفْهَم أن المغفرة بعزة، وهي تمام القدرة، وحكمة، وهي تمام العلم.

وهذا المعنى هو الذي يكشف الخطأ فى الكفارة بالصلب، لأن الصلب يتنافى مع قدرة الله على المغفرة.

والكفارة لا تتعارض فقط مع معنى العزة؛ بل تناقضها .. !

فإنزال الابن الوحيد (!) للصلب .. أمر في الأساس لا يرضي الله، لذلك يكون إنزال هذا الابن قد فعله الله دون رضاه، وهذا هو معنى الاضطرار، وهو ما يناقض معنى العزة الإلهية ..

فالعزة تمام القدرة .. والله قادر على أن يغفر خطيئة آدم دون أن يترك اليهود وهم أعداؤه ليصلبوا ابنه الوحيد .. !!

ومع أن الله لا يغفر أن يشرك به، ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء، فقد قال المسيح: {إِنْ تُعَذِّبْهُم .. وَإِنْ تَغْفِرْ لَهم .. } تفويضاً للأمر إلى الله عز وجل بصورة مطلقة من أي اعتبار، حتى لو كان اعتبارا صحيحا مثل اعتبار أن الله لا يغفر الشرك ..

فعندما أراد الله أن يبتلي إبراهيم بذبح ابنه إسماعيل توقف البلاء عند حد تحقيق معنى التصديق، وهذا هو الذي يفسر اعتبار الرحمة في قدر الله ومشيئته، بحيث لم يغلب مقتضى الابتلاء على مقتضى الرحمة: (ثم مد ابراهيم يده وأخذ السكين ليذبح ابنه. فناداه ملاك الرب من السماء وقال: إبراهيم! ابراهيم! فقال: هاأنذا؟ فقال لا تمد يدك إلى الغلام ولا تفعل به شيئا لأني الآن علمت أنك تخاف الله فلم تمسك ابنك وحيدك عني، فرفع إبراهيم عينيه ونظر وإذا كبش وراءه ممسكا في الغابة بقرنيه، فذهب إبراهيم وأخذ الكبش وأصعده محرقة عوضا عن ابنه) [تكوين 22/ 10 - 13] .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام