أما البيان المحكم والحق المبين فيقول: {فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} [الصافات: 105] .
فلم يتجاوز البلاء حد التصديق إلى الذبح، لأن الله أرحم من أن يجعل إبراهيم يذبح ابنه، فكيف جعل الله اليهود يعذبون ويصلبون ابنه هو .. !!
وإذا كانت الكفارة بصلب المسيح رحمةً البشر .. فأين الرحمة بالمسيح!؟!
لكن الكتب المحرفة تذكر أن الله لم يشفق على ابنه (!) .. (لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ) (يوحنا: 3 - 16) .
فهل أحبَّ الله العالم أكثر من ابنه .. !؟!
ومن عبارة «بذل ابنه الوحيد» نلاحظ معاني الشفقة والتضحية .. وهو ما يثبت معنى الاضطرار ..
لأن الشفقة هي من أمرٍ واجب .. ومعناها اضطرار ..
والبذل هو التضحية بالمحبوب .. وفعله اضطرار ..
أمَّا المحبة الحقيقية من الله للبشر .. فقد كانت مغفرة الله خطيئة آدم وتوبته عليه، قبل أن ينزل إلى الأرض، بغير اضطرار .. !!
إن طرح العلاقة بين الله سبحانه وتعالى وبين الإنسان عند النصارى فيه إهدار كبير لحق الله عز وجل .. إذ ابتدعوا للحب الإلهي صورا باطلة ..
فمن أجل الإنسان .. ينزل الابن الوحيد، ويصلب، ويوضع الشوك على رأسه، وتدق يديه ورجليه بالمسامير، ويشرب الخل، ويضرب بالحربة في جنبه .. !!
هذه الصورة الدرامية المؤثرة لا تمثل الموقف الإلهي لسبب بسيط، وهي أنها صورة متكررة في مجال الصراع بين الحق والباطل، وأقرب مثال لها يعرفه النصارى هو صلب فرعون للسحرة المؤمنين، بل إن مما يعرفه النصارى أيضا ما كان مع اتباع عيسى عليه الصلاة والسلام فيما رواه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من إلقائهم في النار وهم أحياء، ونشرهم بالمنشار من مفرق رؤوسهم إلى أسفل أقدامهم.
لكن التصور الإسلامي يحدد العلاقة بين الله والإنسان بكمال وتمام الحب والمودة، فيقول الله سبحانه: {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} [المائدة: 119] .