وللهروب من هذا المأزق قالوا: (إن المسيح جاء في صورة إنسانية ليكون نائبًا عن البشر في كفارة خطيئة آدم) .. وهو ما ينشئ تناقضًا جديدًا .. !
إذ إن الكفارة بالصلب الواقع على الصورة الإنسانية المخطئة «المسيح» تمت من خلال أداة إنسانية أيضًا وهم «اليهود» .. !!
وبذلك تبددت فكرة الرمزية في الكفارة، بل تضاعف معنى الخطيئة الإنسانية، باعتبار أن الكفارة جعلت الإنسان نفسه هو القاتل لابن الله الوحيد!! وخصوصًا إذا قِيس «الذنب» وهو خطيئة الأكل من الشجرة إلى «الكفارة» وهي قتل ابن الله الوحيد .. !
وبهذا المنطق المتناقض كان الفداء «الإنسان الصورة» وهو المسيح -حسب زعمهم- وكان السبب والأداة «الإنسان الحقيقة» وهم اليهود.
وإذا كانت المسألة من أساسها هي أن يكون الفداء في صورة إنسان لتحقيق الرمزية في الكفارة فإنه من الضروري أن لا يتجاوز الحدث حد الرمزية، فيأتي إنسان من غير ولادة، أو تحْمَل مريم وتضع مولودًا في أقل وقت ممكن مثلما يحدث لأهل الجنة ..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( المؤمن إذا اشتهى الولد في الجنة كان حمله ووضعه وسِنُّه في ساعة كما يشتهي ) ) [1] .
أما أن يبقى «الله» أو «ابن الله» في المشيمة .. في بطن مريم .. تسعة أشهر .. ثم يأتي المخاض والولادة .. ليولد بعد أن كان نطفة ثم علقة ثم مضغة .. فهذا أمر خارج عن كل حدود الرمزية بل حدود العقل ومقتضى الإيمان .. !
وخصوصًا أن الرمزية تتحقق بمجرد الصورة .. لا بالحقيقة ذاتها ..
مثلما ورد في حكم الظهار: {قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير* الذين يظاهرون منكم من نسائهم ما هن أمهاتهم إن أمهاتهم إلا اللائي ولدنهم وإنهم ليقولون منكرا من القول وزورا وإن الله لعفو غفور* والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ذلكم توعظون به والله بما تعملون خبير* فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا ذلك لتؤمنوا بالله ورسوله وتلك حدود الله وللكافرين عذاب أليم} [المجادلة: 1 - 4] .
(1) رواه الترمذي بسند حسن