وبعد فهذا كتابي ملة إبراهيم أقدمه إلى القراء الكرام بحلته الجديدة هذه، بعد أن انتشر وطبع وصور مراراً، وتداوله الشباب في أرجاء المعمورة، قبل أن أجهزه للطبع، وذلك أني كنت قد أهديت منه نسخة بخط يدي إلى بعض إخواننا الجزائريين في الباكستان، وكان آنذاك فصلاً من كتاب كنت أعده في (أساليب الطغاة في الكيد للدعوة والدعاة) حال تقلب الأيام والتنقل بين الديار دون إتمامه، فقام أولئك الإخوة بطبع ذلك الفصل طبعة بحسب إمكاناتهم المتواضعة، ولكنها كانت أول خروجه وسبب انتشاره.
ثم لما فرج الله تعالى بمنه وكرمه بادرت إلى إعداده للطبع خصوصاً بعد أن عاينت طوال مدة اعتقالي وسجني مدى غيظ أعداء الله من هذا الكتاب، فقد كانوا كلما اعتقلوا أخاً يسألونه أول ما يسألونه عن هذا الكتاب، هل قرأه؟ وهل يعرف مؤلفه؟
وكان بعضهم يقول لمن يجيب على ذلك بالإيجاب:"يكفي هذا ليكون فكرك جهادياً وتقتني سلاحاً، ما اعتقلنا تنظيماً مسلحاً إلا ووجدنا عنده هذا الكتاب".
فالحمد لله الذي جعله شوكة في حلوقهم وغصة في صدورهم وقرحة في كبودهم وأسأل الله أن يظل لنا سعداً، ومرعاه للطاغوت سعداناً (1) .
هذا ولقد كنت منذ طبع الكتاب طبعته تلك إلى حين كتابة هذه السطور أنتظر أن يصلني نصح أو تنبيه، وأتحرى أن أقع على ملحوظات أو وقفات؛ من كثير ممن أطالوا ألسنتهم فينا وفي دعوتنا، وفي هذا الكتاب، ورمونا وبهتونا بما لم يصدر عنا في يوم من الأيام.. حتى خطب أحدهم خطبة جمعة في أحد مساجد الكويت فزعم أني أقول بأني وحدي على ملة إبراهيم في هذا الزمان، وزعم أننا نكفر الناس جميعهم هكذا، ووصفنا بالخوارج المعاصرين، وغير ذلك من الافتراءات التي ما عادت تنطلي إلا على مقلدتهم العميان..
أما طلبة الحق الذين استنارت بصائرهم بنور الوحي، فإنهم يعرفون أن حالنا مع هؤلاء كما قال الشاعر:
(1) السعدان: شوك معروف، جاء في الأحاديث أن كلاليب جهنم على صفته.