الصفحة 19 من 33

أهل الخير والإصلاح في هذا الإمهال، وهم مقابل ذلك الظلم، فالله سبحانه وتعالى حينما أملى للظالم، كما في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته) ، هذه المرحلة في مسألة الإملاء لا بد أن تكون مرحلة صراع، وإصلاح وبيان الحق من الباطل، وتمييزه، وهذا يقوم به المصلحون الذين كانوا على بينة وبصيرة من دعوة الحق، ورسول الله صلى الله عليه وسلم سيدهم في ذلك وقدوتهم، فيجب عليهم أن يقتدوا به. إذاً: هذه المسائل مسائل المظالم ومخالفة حكم الله سبحانه وتعالى، وإمهال الله للظالمين لها حكم متنوعة وآثار متعدية تكون خيراً لأقوام، وشراً لأقوام، وخيراً وشراً لأقوام، وهذا الخير والشر يتنوع بحسب الذوات الذين يقومون ويتلبسون بذلك الحق والخير، والشر كذلك فمستقل ومستكثر.

والله سبحانه وتعالى قد جعل في هذه الأرض سنة المدافعة، فوجب على أهل الإصلاح أن يظهروا بإصلاحهم، وأن يترقبوا أمر الله سبحانه وتعالى، فالله جل وعلا قد جعل السنن القدرية تكون صراعاً بين المؤمن والكافر، والكون وإرث الأرض يكون بين المؤمن والكافر، وبين الصالح والفاسد، وغير ذلك، وأما من يوفقه الله جل وعلا لحكمه الشرعي فإنه لا يوفق إليه إلا من أحب، وأما بالنسبة لحكم الله وقضائه القدري فإن الله جل وعلا يعطي منه من يشاء؛ لهذا الأرض لله يورثها من يشاء من عباده، والعاقبة للمتقين، الله جل وعلا ذكر أن الأرض له، ثم ذكر أنه يورثها يعني: أنها تنتقل من فرد إلى آخر، والعاقبة للمتقين يعني: أنها كانت قبل ذلك لغيرهم، فالله سبحانه وتعالى قد جعل ذلك الصراع هو من مواضع الامتحان والاختبار للعباد؛ ليميز الله جل وعلا الخبيث من الطيب.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام