الصفحة 5 من 33

فيتقي الإنسان بلباس برداً وبلباسٍ حراً، ويتقي الإنسان بالسكن الهواء والشمس، وغير ذلك. وهذا من الأخذ بالأسباب، وإن كانت في ذاتها من غير أمر الله سبحانه وتعالى وحكمه لا تقدم للإنسان شيئاً ولا تؤخر؛ ولهذا الله سبحانه وتعالى ينزع من هذه الأسباب خاصيتها متى ما شاء؛ ولهذا لما وضع قوم إبراهيم إبراهيم عليه السلام في النار أمر الله جل وعلا النار أن تكون برداً وسلاماً على إبراهيم، فهذا السبب نزع منه أثره حينما اعتمد إبراهيم على الله وحده، حينما لم يستطع أن يدفع ذلك السبب بيده أو بشيء من الأسباب المشروعة فاعتمد على مسبب الأسباب، وهذا غاية توكل الإنسان على الله سبحانه وتعالى، واعتماده عليه. وهذا الأمر الثاني: وهو الحكم الشرعي الذي أمر الله جل وعلا بأخذه هو ما قضاه جل وعلا لعباده من الأوامر والنواهي الشرعية التي يحصل بها التكليف، فالله سبحانه وتعالى جعل الامتثال في الأحكام الشرعية ملازماً الامتثال للحكم الأول وهو القدر؛ لأن الإنسان لا يملك أن يتصرف أو يختار في قضاء الله سبحانه وتعالى ما شاء، وأما حكم الله الشرعي -الذي هو موضع الامتحان والاختبار- فإن الإنسان يتردد في ذلك بحسب توفيق الله جل وعلا وإعانته له، وبحسب إيمانه بالله جل وعلا، وامتثاله لأمره ونهيه، ويظهر في ذلك الصالحون، ويظهر في ذلك من دونهم من المقصرين والعصاة والفسقة والمنافقين والكفار والظلمة وغير ذلك، حيث يظهر تعنتهم ومخالفتهم لأمر الله جل وعلا بحسب مخالفتهم لحكم الله سبحانه وتعالى الثاني، وهو أمر الله جل وعلا وقضائه الشرعي.

إن حكم الله سبحانه وتعالى الشرعي الذي ينبغي للإنسان أن يكون على بصيرة ومعرفة به، فهذا الحكم على نوعين: الأول: حكم لازم للإنسان لا يتعدى إلى غيره، وهو كثير من العبادات الذاتية اللازمة، كالتسبيح والتهليل والاستغفار وغير ذلك، وكذلك العبادات التي يفعلها الإنسان من الصلاة والصيام وغير ذلك.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام