الصفحة 4 من 33

النوع الثاني: الحكم الشرعي

والنوع الثاني: هو حكم الله سبحانه وتعالى لعباده بما شرعه لهم من التعبد؛ وقد جعل الله جل وعلا الإقرار بالأول عقيدة، والتسليم بالثاني عملاً واعتقاداً هو العبادة الحقة لله جل وعلا؛ لهذا قال الله سبحانه وتعالى: إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ [يوسف:40] .فالله جل وعلا جعل الحكم له، وجعل الامتثال لذلك الحكم عبادة له سبحانه وتعالى، مما يدل على أن إقرار الإنسان بقلبه بحق الله جل وعلا بتدبير هذا الكون، وتسييره، وكذلك قضاء الله جل وعلا وقدره على عباده فيما يأتيهم وإن دق أو جل أنه بحكم الله سبحانه وتعالى، فيجب عليهم حال نزول الضراء ألا يلحقوها بالأسباب، وإنما يلحقونها بمسبب الأسباب سبحانه وتعالى؛ لهذا من نزلت به مصيبة أو نازلة أو كارثة على أي نوع من أنواع النوازل والكوارث يجب عليه أن يكل ذلك الأمر إلى الله سبحانه وتعالى، فإذا وكله إلى غيره نقص من النوع الأول بقدر ضعف إيمانه به، فيضعف إيمانه بالله جل وعلا، وكذلك يقل تعلقه بالله وثقته ويقينه به سبحانه وتعالى. والإنسان في ذلك يتردد بين الأسباب ومسبب الأسباب، والقلوب تميل في ذلك بين الضعف والقوة، فإذا مال الإنسان إلى مسبب الأسباب، وترك الأسباب بالكلية فإنه متواكل، وإذا اعتمد على الله سبحانه وتعالى، وأخذ بالأسباب المقدرة لأنها تتضمن حكم الله جل وعلا فإنه متوكل، فمن أخذ بالسبب تضمن ذلك إقراره بأن الله جل وعلا دبر الكون على نحو ونظام أعلمه الإنسان، فإذا كان ذلك يتضمن وجود الأسباب وجب عليه أن يأخذ بالأسباب؛ لأنها داخلة في حكم الله سبحانه وتعالى؛ لهذا كملت شريعة الإسلام بإرجاع الإنسان إلى الله جل وعلا بالتعلق به باعتبار أنه مسبب الأسباب جل وعلا، وكذلك بالأسباب التي جعلها الله سبحانه وتعالى أسباباً مشروعة.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام