الصفحة 3 من 33

إن الله سبحانه وتعالى إذا علمنا أن الكون هو خلق الله جل وعلا، فخالق الكون هو أولى بالتصرف والتدبير، فإذا كان الإنسان يملك أرضاً، او يملك داراً أو بستاناً فهو أولى الناس بالتصرف، والذي يدخل على تلك الأرض أو ذلك البستان أو تلك الدار هو ظالم متعدٍّ إلا بإذن صاحبه وتشريعه له، فإذا تعدى من غير رخصة من صاحبه فإنه ظالم لنفسه وظالم لغيره، والله جل وعلا له المثل الأعلى في ذلك، وتصريف الله سبحانه وتعالى للناس.

والخليقة في هذه الأرض يدورون بين حكمين لله جل وعلا وبين ذينك الأمرين في نصوص كثيرة، وأجملها في قوله جل وعلا: إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ [الأنعام:57] ، فالله سبحانه وتعالى جعل الحكم له وحده وليس لأحد من عباده.

النوع الأول: الحكم القدري

النوع الأول من أنواع الأحكام: هو الحكم القدري الذي جعله الله جل وعلا طريقاً تسير به المخلوقات من الأفلاك والكواكب والبهائم، وكذلك البشر، يسيرون وفق نظام مرسوم لهم لا يخرجون عنه، ينساقون لطاعة الله سبحانه وتعالى سواء كان طواعية أو على كره، وعلى هذا حمل غير واحد قول الله جل وعلا: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56] ، قالوا: العبودية هنا على نوعين: عبودية على كره، وهي القدرية، وتعني الخضوع لأمر الله سبحانه وتعالى، والعبودية على طوع، وهو امتثال أمر الله سبحانه وتعالى بالتعبد لله جل وعلا بما شرع من التكاليف الشرعية الظاهرة من كلام الله وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لهذا في هذا النوع الله جل وعلا يسير هذه المخلوقات، ولا تحيد عنه، ويشترك في ذلك العاقل وغير العاقل، يسيرون على حكم الله سبحانه وتعالى لا يخرجون عنه، وإنما الصراع هو في النوع الثاني الذي ربما يزعم فيه الإنسان زوراً أنه ينازع الله جل وعلا في الحكم الأول، وهو أبعد ما يكون عن ذلك.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام