خطب ومحاضرات
شرح العمدة (الأمالي) - كتاب البيوع - البيوع المنهي عنها-2
الحلقة مفرغة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
هذه ليلة الخميس، التاسع عشر من شهر صفر من سنة (1423) للهجرة، اليوم ندخل في ما ذكره المصنف.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ فصل: ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الملامسة وعن المنابذة ].
نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن الملامسة وعن المنابذة -كما ذكره المصنف- جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الملامسة وبيع المنابذة )، وله أيضاً شاهد من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
بعض معاني الملامسة
المعنى الأول: كما يقولون: أن يبيعه شيئاً ولا يشاهده، على أنه متى لمسه فقد وجب البيع.
وعلى هذا التعريف يكون النهي عن بيع الملامسة؛ لأنه علق البيع على شرط مستقبلي، كأن يقول: إن لمست هذا الثوب فقد وجب البيع، فهنا يكون سر النهي عن الملامسة هو أنه علق البيع على شرط مستقبلي.
هذا هو التعريف الأول، وبناءً على هذا التعريف يكون النهي عن بيع الملامسة؛ لأنه تعليق البيع على شرط مستقبلي، وهذا عند جمهور العلماء لا يصح، كما ذكرناه من قبل.
الاحتمال الثاني: يعني: أن يبيعه الثوب وهو مطوي دون أن يعرفه، يقول مثلاً: إذا لمست هذا الثوب -أو شيئاً من هذا القبيل- فهو لك بكذا، فيضع يده ويختار ثوباً معيناً، وقد يكون هذا الثوب نفيساً أو رخيصاً أو حقيراً أو شتوياً أو صيفياً أو رجالياً أو نسائياً، وعلى هذا التعريف يكون النهي عن بيع الملامسة بسبب الجهالة؛ لأن البيع ليس محدداً أو معروفاً، فهو نوع من القمار، يمكن أن يقع له ثوب غال، ويمكن أن يقع له ثوب حقير.
بعض معاني المنابذة
وقد يكون من معنى المنابذة أن يقول مثلاً: إذا نبذت إليك ثوبي فقد وجب البيع، أو مثلاً يقول: إذا نبذت إليك هذه الحصاة فقد وجب البيع، فيكون النهي عن البيع في هذه الحالة لماذا؟ لأنه علق البيع على شرط مستقبلي، وجمهور العلماء لا يجيزون البيع المعلق على شرط مستقبل.
بعضهم جعلوا للمنابذة معنىً ثالثاً، وهو مثل بيع الحصاة كما سبق أن ذكرناه.
وبعضهم ذكروا معنىً رابعاً، وهو أن يقول له: إذا نبذت إليك هذا الشيء فإنه ينقطع الخيار ويجب البيع، هذه المعاني.
حكم بيع الملامسة والمنابذة
لكن يبقى الإشكال في تعريف المنابذة والملامسة أي هذه التعريفات هو أصح؟
الأقرب -والله أعلم- أن الأصح في تعريف الملامسة والمنابذة أن المقصود فيها: ما يرمي إلى الجهالة، أو ما يكون البيع فيه عن جهالة، مثل أن يقول: أي ثوب وقعت عليه هذه الحصاة فقد وقع عليه البيع، أو يقول مثلاً: ما وقع عليه هذا الشيء، ما رميته إليك من ثوب أو غيره فهو المبيع، ويكون مطوياً غير معروف الصفة، وقد يكون نفيساً أو خسيساً، فيكون النهي معناه الجهالة، فعلى هذا يكون النهي عن الملامسة والمنابذة بسبب الجهالة، والجهالة نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر، والجهالة والغرر فيهما تقارب من بعض الوجوه كما أسلفنا.
طيب على الوجه الثاني: الذي هو تعليق البيع بشرط، طبعاً جمهور العلماء وهم الأئمة الثلاثة لا يجيزون تعليق البيع بشرط، وبناءً عليه فحتى على التعريف الثاني أن الملامسة والمنابذة محرم عندهم، لكنه ليس كما يفهم ابن قدامة : أنه ليس في المسألة خلاف؛ لأن الإمام أحمد رحمه الله يجيز تعليق البيع على شرط، ويقول: إذا كان تعليق النكاح على شرط جائزاً فالبيع من باب أولى. فيجوز عنده تعليق البيع على شرط إذا كان الشرط واضحاً ليس فيه لبس، مثل أن أقول مثلاً: أبيع عليك هذا الدار بشرط رضا مثلاً تركي، أو أبيعها عليك لمدة معينة تكون محددة فقط لا تكون مطلقة؛ لأن هذا يترتب عليه خلاف وخصومات، لكن لو بعته عليك بشرط محدد واضح معروف بيني وبينك وينتهي هذا الشرط إلى أجل معلوم، فالذي ذهب إليه الإمام أحمد بما نقل عنه وبفعله أيضاً، وروي عنه أنه رهن نعله عند رجل وقال: إن أتيتك إلى ثلاث وإلا فهي لك، مقابل الثمن يعني، فهذا دليل على أنه أجاز شيئاً من هذا المعنى كما ذكره ابن القيم رحمه الله.
وقد رجح الجواز ابن تيمية وابن القيم وجماعة من المحققين من متأخري الحنابلة وغيرهم، وهذا مأخذ جيد.
أولاً: لأنه لا يوجد نص شرعي عن الرسول صلى الله عليه وسلم يدل على منع تعليق البيع على شرط مستقبلي.
الأمر الثاني: أنه سبق أن قررنا أن الأصل في العقود هو الحل والجواز، وأن هذا فيه مصلحة وحاجة وتوسعة على الناس.
ولذلك نقول: إن الأصح في تحريم بيع الملامسة والمنابذة أن المقصود به ليس ما علق على شرط مستقبلي إن لمست هذا الثوب أو رميت هذا الثوب أو هذه الحصاة فقد وقع البيع، وإنما المعنى في بيع الملامسة والمنابذة هو الجهالة، أن يكون المبيع مجهولاً يصح أن يقع على هذا أو ذلك وبينهما فرق، أما لو لم يقع بينهما فرق فقد سبق أن بينا، إذا قال: بعتك عبداً من عبيدي أو شاة من الرعية، أو شجرة من هذه الشجرات وكانت متماثلة، أو متقاربة، الفروق بينها فروق زهيدة لا يلتفت إليها، فإن هذا لا بأس به.
الملامسة: تحتمل تقريباً معنيين:
المعنى الأول: كما يقولون: أن يبيعه شيئاً ولا يشاهده، على أنه متى لمسه فقد وجب البيع.
وعلى هذا التعريف يكون النهي عن بيع الملامسة؛ لأنه علق البيع على شرط مستقبلي، كأن يقول: إن لمست هذا الثوب فقد وجب البيع، فهنا يكون سر النهي عن الملامسة هو أنه علق البيع على شرط مستقبلي.
هذا هو التعريف الأول، وبناءً على هذا التعريف يكون النهي عن بيع الملامسة؛ لأنه تعليق البيع على شرط مستقبلي، وهذا عند جمهور العلماء لا يصح، كما ذكرناه من قبل.
الاحتمال الثاني: يعني: أن يبيعه الثوب وهو مطوي دون أن يعرفه، يقول مثلاً: إذا لمست هذا الثوب -أو شيئاً من هذا القبيل- فهو لك بكذا، فيضع يده ويختار ثوباً معيناً، وقد يكون هذا الثوب نفيساً أو رخيصاً أو حقيراً أو شتوياً أو صيفياً أو رجالياً أو نسائياً، وعلى هذا التعريف يكون النهي عن بيع الملامسة بسبب الجهالة؛ لأن البيع ليس محدداً أو معروفاً، فهو نوع من القمار، يمكن أن يقع له ثوب غال، ويمكن أن يقع له ثوب حقير.
ومثله أيضاً: المنابذة، قالوا في موضوع المنابذة: هي أن يطرح الرجل ثوبه إلى الرجل الآخر دون أن يقلبه ودون أن ينظر فيه، فهذا بيع المنابذة، فيعطيه الثوب ويشتريه دون أن ينظر فيه ولا يعرف حقيقته، وعلى هذا التعريف فإن النهي عن بيع المنابذة بسبب الجهالة؛ لأن الثوب غير معروف.
وقد يكون من معنى المنابذة أن يقول مثلاً: إذا نبذت إليك ثوبي فقد وجب البيع، أو مثلاً يقول: إذا نبذت إليك هذه الحصاة فقد وجب البيع، فيكون النهي عن البيع في هذه الحالة لماذا؟ لأنه علق البيع على شرط مستقبلي، وجمهور العلماء لا يجيزون البيع المعلق على شرط مستقبل.
بعضهم جعلوا للمنابذة معنىً ثالثاً، وهو مثل بيع الحصاة كما سبق أن ذكرناه.
وبعضهم ذكروا معنىً رابعاً، وهو أن يقول له: إذا نبذت إليك هذا الشيء فإنه ينقطع الخيار ويجب البيع، هذه المعاني.
في الجملة يقول ابن قدامة في المغني : لا نعلم بين أهل العلم خلافاً في فساد بيع المنابذة وفساد بيع الملامسة.
لكن يبقى الإشكال في تعريف المنابذة والملامسة أي هذه التعريفات هو أصح؟
الأقرب -والله أعلم- أن الأصح في تعريف الملامسة والمنابذة أن المقصود فيها: ما يرمي إلى الجهالة، أو ما يكون البيع فيه عن جهالة، مثل أن يقول: أي ثوب وقعت عليه هذه الحصاة فقد وقع عليه البيع، أو يقول مثلاً: ما وقع عليه هذا الشيء، ما رميته إليك من ثوب أو غيره فهو المبيع، ويكون مطوياً غير معروف الصفة، وقد يكون نفيساً أو خسيساً، فيكون النهي معناه الجهالة، فعلى هذا يكون النهي عن الملامسة والمنابذة بسبب الجهالة، والجهالة نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر، والجهالة والغرر فيهما تقارب من بعض الوجوه كما أسلفنا.
طيب على الوجه الثاني: الذي هو تعليق البيع بشرط، طبعاً جمهور العلماء وهم الأئمة الثلاثة لا يجيزون تعليق البيع بشرط، وبناءً عليه فحتى على التعريف الثاني أن الملامسة والمنابذة محرم عندهم، لكنه ليس كما يفهم ابن قدامة : أنه ليس في المسألة خلاف؛ لأن الإمام أحمد رحمه الله يجيز تعليق البيع على شرط، ويقول: إذا كان تعليق النكاح على شرط جائزاً فالبيع من باب أولى. فيجوز عنده تعليق البيع على شرط إذا كان الشرط واضحاً ليس فيه لبس، مثل أن أقول مثلاً: أبيع عليك هذا الدار بشرط رضا مثلاً تركي، أو أبيعها عليك لمدة معينة تكون محددة فقط لا تكون مطلقة؛ لأن هذا يترتب عليه خلاف وخصومات، لكن لو بعته عليك بشرط محدد واضح معروف بيني وبينك وينتهي هذا الشرط إلى أجل معلوم، فالذي ذهب إليه الإمام أحمد بما نقل عنه وبفعله أيضاً، وروي عنه أنه رهن نعله عند رجل وقال: إن أتيتك إلى ثلاث وإلا فهي لك، مقابل الثمن يعني، فهذا دليل على أنه أجاز شيئاً من هذا المعنى كما ذكره ابن القيم رحمه الله.
وقد رجح الجواز ابن تيمية وابن القيم وجماعة من المحققين من متأخري الحنابلة وغيرهم، وهذا مأخذ جيد.
أولاً: لأنه لا يوجد نص شرعي عن الرسول صلى الله عليه وسلم يدل على منع تعليق البيع على شرط مستقبلي.
الأمر الثاني: أنه سبق أن قررنا أن الأصل في العقود هو الحل والجواز، وأن هذا فيه مصلحة وحاجة وتوسعة على الناس.
ولذلك نقول: إن الأصح في تحريم بيع الملامسة والمنابذة أن المقصود به ليس ما علق على شرط مستقبلي إن لمست هذا الثوب أو رميت هذا الثوب أو هذه الحصاة فقد وقع البيع، وإنما المعنى في بيع الملامسة والمنابذة هو الجهالة، أن يكون المبيع مجهولاً يصح أن يقع على هذا أو ذلك وبينهما فرق، أما لو لم يقع بينهما فرق فقد سبق أن بينا، إذا قال: بعتك عبداً من عبيدي أو شاة من الرعية، أو شجرة من هذه الشجرات وكانت متماثلة، أو متقاربة، الفروق بينها فروق زهيدة لا يلتفت إليها، فإن هذا لا بأس به.
قال: [ وعن بيع الحصاة ].
يعني: ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الحصاة.
بيع الحصاة ورد النهي عنه، ولعلي ذكرت حديث أبي هريرة رضي الله عنه في صحيح مسلم قال: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر، ونهى عن بيع الحصاة ).
من تعاريف بيع الحصاة
التعريف الأول: أن يقول: أرمي هذه الحصاة فما وقعت عليه فهو المبيع، وبناءً على هذا التعريف يكون النهي عن بيع الحصاة بسبب جهالة المبيع، لأنها قد تقع على نفيس أو خسيس، هذا هو الأول، وهذا التعريف النهي فيه واضح أنه صحيح، وباتفاق العلماء أن هذا النوع من البيع لا يجوز؛ لأن المبيع فيه جهالة.
قد يقول القائل: قد تكون المبيعات متساوية، فنقول: لو كانت متساوية لم يوجد سبب للحصاة، فبإمكانه أن يقول: خذ أي واحد منها.
التعريف الثاني: أن يقول: أبيعك هذه الأرض فما بلغت -يعني: أرمي حصاة فما بلغت- من هذه الأرض فهو المبيع، أي: وقع عليه البيع، وهذا التعريف أيضاً نقول: إنه لا يجوز، بسبب الجهالة؛ لأن الحصاة قد تقع على مسافة عشرين متراً، أو على مسافة مائتي متر، أو أقل من ذلك أو أكثر، فالمبيع غير محدد، ومن شروط المبيع أن يكون معلوماً كما أسلفنا، فعلى هذا التعريف أيضاً لا شك أن بيع الحصاة بهذا التعريف منهي عنه.
التعريف الثالث: أن يقول: أبيعك هذه الحصاة، وأمامه حصاة مجهولة لا يدري ما هي وما بداخلها، فلا شك أن هذا البيع منهي عنه بسبب الجهالة.
هناك التعريف الرابع الذي ذكرناه سابقاً ويدخل في موضوع البيع المعلق على شرط، لو قال له: إذا نبذت إليك هذه الحصاة فقد وجب البيع، فهنا يكون تعريف بيع الحصاة: أنه بيع معلق على شرط، والبيع المعلق على شرط لا يصح عند الأئمة الثلاثة: مالك وأبي حنيفة والشافعي، ورواية عند الحنابلة، لكن القول الثاني عن أحمد -وهو الراجح كما ذكرنا- أن تعليق البيع على شرط جائز إذا كان هذا الشرط واضحاً لا يوجب لبساً ولا يحدث خصومة، ولذلك ابن قدامة وقبله الترمذي أيضاً في جامعه والنووي والبهاء المقدسي صاحب شرح العمدة كلهم ذكروا التعريفات الثلاثة لبيع الحصاة، وقالوا: إنها محرمة، بل في المغني قال: كلها بيوع فاسدة لا نعلم في هذا خلافاً بين أهل العلم. وقد ذكرنا أن ثمة خلافاً قوياً في البيع المعلق على شرط إذا قال: إذا رميت إليك هذه الحصاة فقد وجب البيع، فإن الأصل فيه أنه صحيح بشرط أن يكون له أجل ينتهي إليه.
ما يتعلق بالتعريفات الثلاثة الأولى هي كلها تدور حول جهالة المبيع، أن يبيع شيئاً مجهولاً سواءً من الأرض أو من السلع، أو أن يبيع حصاة لا يدرى عن محتواها.
هذه ثلاثة تعريفات في بيع الحصاة:
التعريف الأول: أن يقول: أرمي هذه الحصاة فما وقعت عليه فهو المبيع، وبناءً على هذا التعريف يكون النهي عن بيع الحصاة بسبب جهالة المبيع، لأنها قد تقع على نفيس أو خسيس، هذا هو الأول، وهذا التعريف النهي فيه واضح أنه صحيح، وباتفاق العلماء أن هذا النوع من البيع لا يجوز؛ لأن المبيع فيه جهالة.
قد يقول القائل: قد تكون المبيعات متساوية، فنقول: لو كانت متساوية لم يوجد سبب للحصاة، فبإمكانه أن يقول: خذ أي واحد منها.
التعريف الثاني: أن يقول: أبيعك هذه الأرض فما بلغت -يعني: أرمي حصاة فما بلغت- من هذه الأرض فهو المبيع، أي: وقع عليه البيع، وهذا التعريف أيضاً نقول: إنه لا يجوز، بسبب الجهالة؛ لأن الحصاة قد تقع على مسافة عشرين متراً، أو على مسافة مائتي متر، أو أقل من ذلك أو أكثر، فالمبيع غير محدد، ومن شروط المبيع أن يكون معلوماً كما أسلفنا، فعلى هذا التعريف أيضاً لا شك أن بيع الحصاة بهذا التعريف منهي عنه.
التعريف الثالث: أن يقول: أبيعك هذه الحصاة، وأمامه حصاة مجهولة لا يدري ما هي وما بداخلها، فلا شك أن هذا البيع منهي عنه بسبب الجهالة.
هناك التعريف الرابع الذي ذكرناه سابقاً ويدخل في موضوع البيع المعلق على شرط، لو قال له: إذا نبذت إليك هذه الحصاة فقد وجب البيع، فهنا يكون تعريف بيع الحصاة: أنه بيع معلق على شرط، والبيع المعلق على شرط لا يصح عند الأئمة الثلاثة: مالك وأبي حنيفة والشافعي، ورواية عند الحنابلة، لكن القول الثاني عن أحمد -وهو الراجح كما ذكرنا- أن تعليق البيع على شرط جائز إذا كان هذا الشرط واضحاً لا يوجب لبساً ولا يحدث خصومة، ولذلك ابن قدامة وقبله الترمذي أيضاً في جامعه والنووي والبهاء المقدسي صاحب شرح العمدة كلهم ذكروا التعريفات الثلاثة لبيع الحصاة، وقالوا: إنها محرمة، بل في المغني قال: كلها بيوع فاسدة لا نعلم في هذا خلافاً بين أهل العلم. وقد ذكرنا أن ثمة خلافاً قوياً في البيع المعلق على شرط إذا قال: إذا رميت إليك هذه الحصاة فقد وجب البيع، فإن الأصل فيه أنه صحيح بشرط أن يكون له أجل ينتهي إليه.
ما يتعلق بالتعريفات الثلاثة الأولى هي كلها تدور حول جهالة المبيع، أن يبيع شيئاً مجهولاً سواءً من الأرض أو من السلع، أو أن يبيع حصاة لا يدرى عن محتواها.
قال: [وعن بيع الرجل على بيع أخيه ].
بيع الرجل على بيع أخيه أيضاً جاء في أحاديث ابن عمر المتفق عليها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يبع بعضكم على بيع أخيه ).
وفي بعض الألفاظ: ( لا يبع بعضكم على بيع بعض، قال: ولا تلقوا السلع حتى يهبط بها إلى السوق ).
وفي لفظ: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيع بعضكم على بيع بعض، أو يخطب على خِطبة أخيه)، والخُطبة هي الموعظة التي على المنبر، بضم الخاء، أما بالكسر (الخِطبة) فهي خطبة النكاح، يعني: كونه يخطب هذه المرأة ليتزوجها، أما إذا جلس في المجلس وأراد أن يعقد النكاح، ثم خطب بـ : إن الحمد لله نحمده ونستعينه، هذه تسمى خُطبة للخِطبة. فنهى أن يخطب على خطبة أخيه ( حتى يترك أو يأذن )، يعني: يأذن له بالخطبة.
وجاء في هذا أحاديث كثيرة جداً مثل حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تلقوا الركبان، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، ولا تناجشوا، ولا يبع حاضر لباد، ولا تصروا الغنم )، والتصرية: هي ترك اللبن حتى يكبر الثدي، ويظن المشتري أن لبنها كثير، وهذا يعتبر نوعاً من الغرر أو التدليس، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( ولا تصروا الغنم، ومن ابتاعها فهو بخير النظرين: إن شاء أمسكها، وإن شاء ردها وصاعاً من شعير )، والحديث رواه الستة. البخاري ومسلم وأهل السنن.
والحديث المشهور أيضاً: ( لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخواناً، المسلم أخو المسلم لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يحقره، التقوى هاهنا -ويشير إلى صدره صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات- بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام: دمه، وماله، وعرضه ). وهذه كلها أحاديث في نفس المعنى، وهو ما أشار إليه المصنف رحمه الله من النهي عن بيع الرجل على بيع أخيه.
معنى بيع الرجل على بيع أخيه
المعنى: أن يقول: أبيعك بأرخص أو أبيعك خيراً منها بثمنها، يعني: لو رأيته اشترى سيارة أو أراد أن يشتري سيارة من رجل مثلاً بخمسين ألف ريال تقول: أنا أبيع عليك بمثل هذه السيارة بخمسة وأربعين ألفاً، أو تقول: أبيع عليك أفضل منها بخمسين ألفاً.
مثلاً: هو يريد أن يشتري سيارة (فورد)، فتقول له: أبيع عليك (لكزز) بستين ألفاً، يعني بسعر الفورد وهي أفضل منها وأنفس منها، أو تقول: أبيع عليك سيارة أخرى (فورد) مثلها بخمسة وأربعين ألفاً، فهذا كله من البيع على بيع أخيه.
ومثله تماماً الشراء على شراء أخيه، ما معنى أن تشتري على شرائه؟
المعنى أنه إذا اشتراها منه مثلاً بثمن معين، فأنت تقول له: أنا أشتري منك هذه السلعة بأغلى مما أعطاك فلان، أدفع لك بها أكثر مما دفع فلان، فهذا مثله في الحكم من جهة أن فيه نوعاً من السوء والتأثير على الأخوة، ولهذا الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يبع على بيع أخيه )، وربط هذا بالمعاني الإيمانية التي ذكرناها كلها مما يعمق جوانب الإخاء الديني بين المؤمنين والمحبة ويزيل عوامل البغضاء والشحناء بينهم، وهذا من أعظم مقاصد الشريعة.
حكم البيع على بيع غير المسلم
قولان للعلماء: منهم من حمل الأخوة هنا على أخوة الدين، وبناءً عليه قال: لو كان غير مسلم فإنه يجوز أن تبيع على بيعه أو تشتري على شرائه، وهذا قول الظاهرية.
وفي المسألة قول آخر هو المشهور وهو: أنه يمنع البيع على بيع أخيه المسلم، ويمنع البيع على بيع المعصوم، ويكون هذا أمراً عاماً؛ لأن المعصوم له حرمة ينبغي مراعاتها، وقد يكون في هذا تحبيباً له في الإسلام، وترغيباً في أخلاق أهل هذا الدين العظيم.
ما معنى بيع الرجل على بيع أخيه؟
المعنى: أن يقول: أبيعك بأرخص أو أبيعك خيراً منها بثمنها، يعني: لو رأيته اشترى سيارة أو أراد أن يشتري سيارة من رجل مثلاً بخمسين ألف ريال تقول: أنا أبيع عليك بمثل هذه السيارة بخمسة وأربعين ألفاً، أو تقول: أبيع عليك أفضل منها بخمسين ألفاً.
مثلاً: هو يريد أن يشتري سيارة (فورد)، فتقول له: أبيع عليك (لكزز) بستين ألفاً، يعني بسعر الفورد وهي أفضل منها وأنفس منها، أو تقول: أبيع عليك سيارة أخرى (فورد) مثلها بخمسة وأربعين ألفاً، فهذا كله من البيع على بيع أخيه.
ومثله تماماً الشراء على شراء أخيه، ما معنى أن تشتري على شرائه؟
المعنى أنه إذا اشتراها منه مثلاً بثمن معين، فأنت تقول له: أنا أشتري منك هذه السلعة بأغلى مما أعطاك فلان، أدفع لك بها أكثر مما دفع فلان، فهذا مثله في الحكم من جهة أن فيه نوعاً من السوء والتأثير على الأخوة، ولهذا الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يبع على بيع أخيه )، وربط هذا بالمعاني الإيمانية التي ذكرناها كلها مما يعمق جوانب الإخاء الديني بين المؤمنين والمحبة ويزيل عوامل البغضاء والشحناء بينهم، وهذا من أعظم مقاصد الشريعة.
اختلف الفقهاء: هل هذا الحكم خاص بالبيع على بيع المسلم، أم يشمل البيع على بيع المعصوم مسلماً كان أو غيره كالذمي مثلاً؟
قولان للعلماء: منهم من حمل الأخوة هنا على أخوة الدين، وبناءً عليه قال: لو كان غير مسلم فإنه يجوز أن تبيع على بيعه أو تشتري على شرائه، وهذا قول الظاهرية.
وفي المسألة قول آخر هو المشهور وهو: أنه يمنع البيع على بيع أخيه المسلم، ويمنع البيع على بيع المعصوم، ويكون هذا أمراً عاماً؛ لأن المعصوم له حرمة ينبغي مراعاتها، وقد يكون في هذا تحبيباً له في الإسلام، وترغيباً في أخلاق أهل هذا الدين العظيم.
استمع المزيد من الشيخ سلمان العودة - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
شرح العمدة (الأمالي) - كتاب الحج والعمرة - باب الفدية | 3985 استماع |
شرح العمدة (الأمالي) - كتاب البيوع – باب الخيار -2 | 3924 استماع |
شرح العمدة (الأمالي) - كتاب الزكاة - زكاة السائمة | 3852 استماع |
شرح العمدة (الأمالي) - كتاب الزكاة - باب زكاة العروض | 3844 استماع |
شرح العمدة (الأمالي) - كتاب الطهارة - باب المسح على الخفين | 3670 استماع |
شرح العمدة (الأمالي) - كتاب الحج والعمرة - باب محظورات الإحرام -1 | 3623 استماع |
شرح العمدة (الأمالي) - كتاب الصلاة - باب صلاة المريض | 3611 استماع |
شرح العمدة (الأمالي) - كتاب البيوع – مراجعة ومسائل متفرقة في كتاب البيوع | 3549 استماع |
شرح العمدة (الأمالي) - كتاب الحج والعمرة - باب صفة الحج | 3513 استماع |
شرح العمدة (الأمالي) - كتاب الصلاة - باب أركان الصلاة وواجباتها | 3442 استماع |