شرح العمدة (الأمالي) - كتاب الصلاة - باب أركان الصلاة وواجباتها


الحلقة مفرغة

قال المصنف رحمه الله: [ باب أركان الصلاة وواجباتها ].

وهذه المسألة الأولى في الباب، وذلك أن بين الأركان والواجبات فرقاً، فالركن آكد من الواجب وألزم منه؛ ولهذا كان الركن لا يسقط سهواً ولا عمداً، ولا يجبره سجود، ولا تصح الصلاة إلا به.

أما الواجب فإنه يسقط بالسهو ويجبره سجود السهو، فهو أخف من الركن.

وإنما يعرف كون الشيء ركناً أو واجباً بالأحاديث الواردة فيه وصيغ تلك الأحاديث.

قال: [ أركانها اثنا عشر: ‏

القيام مع القدرة

القيام مع القدرة ]. فهذا هو الركن الأول.

أي: إذا كان قادراً؛ لقوله تعالى: وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ [البقرة:238]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عمران بن حصين الذي رواه البخاري : ( صل قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب )، وقال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: ( وإذا صلى قائماً فصلوا قياماً ) يعني: الإمام، فذلك دليل على وجوب القيام وأنه ركن في الصلاة، لا يسقط إلا بالعجز عنه لمرض أو غيره.

تكبيرة الإحرام

الثاني: [ وتكبيرة الإحرام ]، وهي ركن أيضاً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الحديث السابق: ( تحريمها التكبير )، وكذلك علمه النبي صلى الله عليه وسلم المسيء صلاته فقال: ( إذا قمت إلى الصلاة فكبر )، أي: تكبيرة الإحرام، وكل الذين نقلوا صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالتفصيل نقلوا تكبيرة الإحرام، وكان صلى الله عليه وسلم يحافظ عليها بهذه الصفة: الله أكبر، لا بغيرها، فدل ذلك على ركنيتها بهذا اللفظ خلافاً لمن خالف في ذلك من بعض السلف أو من الأحناف.

قراءة الفاتحة

الركن الثالث: [ وقراءة الفاتحة ]، وهي ركن أيضاً؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب )، وهو حديث متفق عليه عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه، وقال: ( كل صلاة لا يقرأ فيها بالحمد لله رب العالمين فهي خداج، فهي خداج، فهي خداج )، وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه البخاري أيضاً: ( قال الله تعالى: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين )، فسمى النبي صلى الله عليه وسلم الفاتحة صلاة، فدل على ركنيتها وآكديتها.

الركوع

الرابع من الأركان: [ والركوع ]، وهو ركن بلا خلاف؛ لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا [الحج:77]، وقال: وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ [البقرة:43]، وقال: وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ [آل عمران:43].

الرفع من الركوع

الخامس من الأركان: [ والرفع منه ]؛ وذلك لتعليم النبي صلى الله عليه وسلم له المسيء صلاته، وقوله صلى الله عليه وسلم له: ( ثم ارفع حتى تعتدل قائماً ).

السجود

السادس من الأركان: [ والسجود ]؛ لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا [الحج:77]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم للمسيء صلاته: ( ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً )، ومحافظة النبي صلى الله عليه وسلم عليه، وأن جميع الذين نقلوا صلاته نقلوا ذلك، والإجماع قائم على أن السجود من أركان الصلاة.

الجلوس بين السجدتين

[ والجلوس عنه ]، أي: عن السجود، وهي الجلسة بين السجدتين؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم للمسيء صلاته: ( ثم اجلس حتى تطمئن جالساً ).

الطمأنينة في أركان الصلاة

الثامن: [ والطمأنينة في هذه الأركان كلها ]، الطمأنينة ركن عند الجمهور خلافاً للحنفية، وقال بعض فقهاء الأحناف أيضاً بأن الطمأنينة فرض في الصلاة، والدليل على ذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للمسيء صلاته: ( ارجع فصل فإنك لم تصل ) مع أنه صلى في الصورة ولكنه لم يطمئن في صلاته، وكذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم -كما في الصحيح-: ( لا صلاة لمن لا يقيم صلبه في الركوع ولا في السجود )، فدل ذلك على وجوب الطمأنينة في جميع هذه الأركان.

التشهد الأخير

التاسع: [ والتشهد الأخير ]؛ وذلك لما نقله أبو حميد وأبو هريرة ووائل بن حجر وغيرهم وعائشة رضي الله عنهم أجمعين من أمره صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير وفعله له.

الجلوس للتشهد

العاشر: [ والجلوس له ]، أي: الجلوس لهذا التشهد، بحيث لا يقوله مثلاً قائماً، بل يجلس له ويقوله عن جلوس.

التسليمة الأولى

الحادي عشر: [ والتسليمة الأولى ]؛ لأن بها تنتهي الصلاة، أما الثانية فهي سنة عند الجماهير، بل قال ابن المنذر بالإجماع، وسبق ذكر الأدلة على ذلك، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: ( وتحليلها التسليم )، فهو دليل على أن التسليم ركن، وكذلك علمه النبي صلى الله عليه وسلم المسيء صلاته كما في بعض طرق الحديث، وقالت عائشة رضي الله عنها: ( وكان يختم الصلاة بالتسليم )، وحديثها في صحيح مسلم : ( وكان يختم الصلاة بالتسليم ).

الترتيب بين الأركان

قال: [ وترتيبها على ما ذكرناه ].

أي أنه يرتب على هذه الصورة والصفة، فلا يقدم بعض هذه الأركان على بعض، فإنه لو قدم أو أخر بطلت صلاته بذلك.

فالترتيب أيضاً ركن في ذلك.

مسألة: الموالاة بين الأركان

والموالاة بين هذه الأركان عده بعضهم ركناً؛ لأنه لو فصل بين عمل وآخر بشيء ليس من جنس الصلاة لبطلت صلاته بذلك.

قال: [ فهذه الأركان لا تتم الصلاة إلا بها ].

والأولى أن يقال: لا تصح الصلاة إلا بها؛ لأنها أركان تبطل الصلاة بتركها عمداً، وإذا ترك شيئاً منها سهواً فإن عليه أن يستدركه، فإن لم يمكنه استدراكه بطلت الركعة، فإن لم يستدركه بطلت الصلاة كلها.

القيام مع القدرة ]. فهذا هو الركن الأول.

أي: إذا كان قادراً؛ لقوله تعالى: وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ [البقرة:238]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عمران بن حصين الذي رواه البخاري : ( صل قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب )، وقال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: ( وإذا صلى قائماً فصلوا قياماً ) يعني: الإمام، فذلك دليل على وجوب القيام وأنه ركن في الصلاة، لا يسقط إلا بالعجز عنه لمرض أو غيره.

الثاني: [ وتكبيرة الإحرام ]، وهي ركن أيضاً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الحديث السابق: ( تحريمها التكبير )، وكذلك علمه النبي صلى الله عليه وسلم المسيء صلاته فقال: ( إذا قمت إلى الصلاة فكبر )، أي: تكبيرة الإحرام، وكل الذين نقلوا صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالتفصيل نقلوا تكبيرة الإحرام، وكان صلى الله عليه وسلم يحافظ عليها بهذه الصفة: الله أكبر، لا بغيرها، فدل ذلك على ركنيتها بهذا اللفظ خلافاً لمن خالف في ذلك من بعض السلف أو من الأحناف.

الركن الثالث: [ وقراءة الفاتحة ]، وهي ركن أيضاً؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب )، وهو حديث متفق عليه عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه، وقال: ( كل صلاة لا يقرأ فيها بالحمد لله رب العالمين فهي خداج، فهي خداج، فهي خداج )، وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه البخاري أيضاً: ( قال الله تعالى: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين )، فسمى النبي صلى الله عليه وسلم الفاتحة صلاة، فدل على ركنيتها وآكديتها.