مباحث النبوة - حسن العشرة بين الزوجين [3]


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، ورضي الله عن الصحابة الطيبين، وعن من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً، وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلاً، سهل علينا أمورنا، وعلمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا يا أرحم الراحمين، اللهم زدنا علماً نافعاً، وعملاً صالحاً بفضلك ورحمتك يا أكرم الأكرمين، سبحانك اللهم وبحمدك على حلمك بعد علمك، سبحانك اللهم وبمحمدك على عفوك بعد قدرتك، اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد:

لا زلنا نتذاكر مبحثاً استطرادياً، وهذا المبحث الاستطرادي يتعلق بالمبحث الثالث من مبحث النبوة، وعنوانه بيان الأمور التي يعرف بها صدق النبي والرسول على نبينا وأنبياء الله ورسله صلوات الله وسلامه.

وتقدم معنا أن الأمور التي يعرف بها صدق الأنبياء في دعواهم أنهم رسل الله حقاً وصدقاً، كثيرة يمكن أن تجمل في أربعة أمور؛ أولها: النظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم في نفسه في خَلقه وخُلقه، وثانيها: النظر في دعوته، وثالثها: النظر إلى أصحابه، ورابعها: النظر في المعجزات التي أيده الله بها وهي خوارق العادات.

هذه أمور أربعة من تأملها ميّز بين النبي الصادق وبين المتنبئ الكذاب، وكنا ذكرنا الأمر الأول منها ألا وهو: النظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم في نفسه في خَلقه وخُلقه، وانتهينا مما يتعلق ببيان الأمر الأول ألا وهو: النظر إلى خلق النبي عليه الصلاة والسلام، وبينت ما في خلق نبينا عليه الصلاة والسلام من علامات تدل على أنه رسول رب الأرض والسماوات عليه صلوات الله وسلامه.

وانتقلنا بعد ذلك إلى مدارسة الشق الثاني من المبحث الأول ألا وهو: النظر إلى خُلق النبي عليه الصلاة والسلام، وقلت: إن خلق النبي عليه الصلاة والسلام إما أن يكون مع الحق جل وعلا، وإما أن يكون مع الخلق، وخلقه مع الخلق يتحدد كما قلت في سبعة أنواع؛ خلقه عليه الصلاة والسلام مع أهل بيته الكرام على نبينا وعليهم جميعاً صلوات الله وسلامه، وخلقه عليه الصلاة والسلام مع أصحابه وأمته، وخلقه عليه الصلاة والسلام مع الملائكة الكرام على نبينا وعليه الصلاة والسلام، وخلقه عليه الصلاة والسلام مع أعدائه من شياطين الإنس، وخلقه عليه الصلاة والسلام مع أعدائه من شياطين الجن، وخلقه عليه الصلاة والسلام مع الحيوانات العجماوات، وخلقه عليه الصلاة والسلام مع الجمادات الصامتات، وإذا انتهينا كما تقدم معنا من مدارسة هذا الأمور، ننتقل إلى الجانب الثاني أيضاً ألا وهو: خلقه عليه الصلاة والسلام مع ربه سبحانه وتعالى.

انتهينا من الأمر الأول من الأمور السبعة ألا وهو: خلق النبي عليه الصلاة والسلام مع أهل بيته الكرام، وتقدم معنا ما في ذلك الأمر من دلالات واضحات تدل على أن نبينا رسول الله حقاً وصدقاً عليه صلوات الله وسلامه، فيما يتعلق بمسكنه، وأثاثه، وطعامه، ومعاملته لأفراد أسرته على نبينا وعليهم جميعاً صلوات الله وسلامه.

بعد أن انتهينا من هذا قلت: يحسن بنا أن نتعرف على أمهاتنا أزواج نبينا على نبينا وعليهن صلوات الله وسلامه، وأن نتعرف على ذريته الطيبة الطاهرة، وهذا يدعونا إلى ثلاثة أمور لابد منها ألا وهي: الحكمة من مشروعية النكاح، والحكمة من التعدد في حق الأمة، والحكمة من التعدد في حق النبي عليه الصلاة والسلام فيما شرع له، وأبيح له، وأحل له، زيادة على ما أحل لأمته على نبينا صلوات الله وسلامه، وقلت: تحت هذه الأمور الثلاثة خمس وعشرون حكمة، خمس حكم كما تقدم معنا في المقاصد العامة للنكاح، وعشر حكم في التعدد في حق الأمة، وعشر حكم في التعدد الزائد الذي أباحه الله لنبينا عليه الصلاة والسلام.

وأما الحكم الخمسة الأولى بدأنا في ذكرها، وتدارسنا حكمتين منها، وبدأنا بذكر الأمر الثالث، وهذه الحكم الخمسة أولها: تحصين النفس البشرية من كل آفة ردية حسية أو معنوية، وثانيها: إنجاب الذرية التي تعبد وتوحد رب البرية، وتقدم معنا ما في إنجاب الذرية من خيرات في العاجل والآجل، وثالثها: تحصيل الأجر للزوجين عن طريق حسن عشرة كل منهما لصاحبه، ومساعدته بماله ونفقته على صاحبه في حق الزوجة إن كانت تملك وساعدت، والزوج النفقة متعينة عليه فلابد من أن ينفق على زوجه، والحكمة الرابعة من مشروعية النكاح: تذكر لذة الآخرة، ولعلنا نذكرها في هذا المبحث إن شاء الله، والحكمة الخامسة كما تقدم معنا: ارتفاق كل من الزوجين بصاحبه وبأهل صاحبه.

وكما في الحكمة الثالثة: تحصيل الأجرين للزوجين عن طريق حسن عشرة كل منهما لصاحبه ونفقته عليه، وتقدم معنا ما يحصله الزوج من خيرات في الزواج عندما يحسن خلقه مع زوجته، فأكرم المؤمنين عند رب العالمين وخيرهم عند أرحم الراحمين خيرهم لأهله كما تقدم معنا هذا في الأحاديث الكثيرة الصحيحة الثابتة عن نبينا عليه الصلاة والسلام، وهكذا عندما ينفق على زوجه فهذه النفقة لها أجر عظيم عند رب العالمين، يزيد على نفقة سائر الطاعات من الصدقة والجهاد وغير ذلك، وانتقلنا بعد ذلك إلى الجانب الثاني ألا وهو: الأجر الذي تحصله الزوجة أيضاً عن طريق حسن عشرتها ومساعدتها لزوجه بمالها إن كانت تملك ذلك.

وقدمت لهذا مقدمة بينت فيها ما تحصله الزوجة من خير عن طريق حسن عشرتها مع زوجها، وبينت فيها أن النكاح ميثاق غليظ، وإذا كان كذلك فيحرم على المرأة أن تنفصل من هذا الميثاق وأن تطلب الخروج منه، وإذا سألت زوجها الطلاق من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة، وأن من سعى في الفراق بين الزوجين فقد عصى رب العالمين، وليس هو من عداد المسلمين.

ثم انتقلت بعد ذلك إلى ما تحصله الزوجة من خيرات إذا حسنت خلقها مع زوجها، فقلت: إنها إذا ماتت وزوجها راض عنها دخلت الجنة، وهذا خير عظيم تحصله الزوجة عندما تحسن خلقها، وأن الزوج للزوجة يعتبر جنة وناراً لها، فطاعته تؤدي لدخول الجنة، وعصيانه إلى دخول النار.

وتقدم معنا أن المرأة إذا أدت حق الله من صلاة وصيام وعفة فصانت فرجها وأطاعت بعلها قيل لها: ادخلي الجنة من أي أبوابها شئت، وهذا كله تقدم مقرراً بالأحاديث الصحيحة عن نبينا صلى الله عليه وسلم، ثم استعرضت أيضاً ثلاثة أحاديث تحذر المرأة من نشوزها وعصيانها لزوجها: ( فالله لا ينظر لامرأة لا تشكر لزوجها وهي لا تستغني عنه )، وإذا ساء خلق المرأة مع زوجها وضايقته تسبها ملائكة السماء وتقول لها: ( قاتلك الله، قاتلك الله هو دخيل عندك يوشك أن يفارقك إلينا )، كما تقدم معنا هذا.

وختمت الكلام بأمر قلت لابد من أن يعيه نساؤنا في هذه الأيام أن الرجل إذا دعا زوجته لحاجته للفراش وتمنعت ورفضت وأبت كان الذي في السماء وهو الله جل وعلا ساخطاً عليها، وتلعنها ملائكة الله جل وعلا حتى تصبح، هذا آخر ما ذكرته، وقلت: هذا المعنى الثابت في الحديث الصحيح سأقرره، وتقدم معنا من رواية أبي هريرة رضي الله عنه، وسأقرره بعشرة أحاديث، وخمسة أحاديث تدل على وجوب إجابة المرأة لزوجها إذا دعاها لحاجته على أي حال كانت، وأوردت في ذلك خمسة أحاديث وانتهينا منها، حديث طلق بن علي، وحديث عبد الله بن أبي أوفى ، وحديث زيد بن أرقم ، وحديث عبد الله بن عمر ، وعبد الله بن عباس رضي الله عنهم أجمعين.

وخلاصتها: أن الرجل إذا دعا زوجته لحاجته وجب عليها أن تجيبه وإن كانت على التنور، وإن كانت على قتب، ولا يجوز أن تمنعه نفسها، ثم بعد ذلك شرعت في سرد الأحاديث الأخرى وهي خمسة تدل على عصيان المرأة لزوجها إذا امتنعت من إجابته، وأبت تنفيذ رغبته وإذا كانت عاصية يسخط الله عليها، وتلعنها ملائكة السماء.

ذكرت حديثين في ذلك: الحديث الأول من رواية أبي أمامة رضي الله عنه، وهو: (أن ثلاثةً لا تجاوز صلاتهم آذانهم: العبد الآبق، -الهارب الشارد- حتى يرجع، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط، ورجل أمّ قوماً وهم له كارهون)، وقلت: إنه حديث ثابت صحيح.

والحديث الثاني: حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وتقدم معنا لفظه: (اثنان لا تجاوز صلاتهما رءوسهما: أولهما: عبد أبق من مواليه حتى يرجع، والثاني: امرأة عصت زوجها حتى ترجع)، أي: إلى الطاعة والوفاق.

الحديث الثالث: الذي يدل على تحريم عصيان المرأة لزوجها، وإذا ما أجابته لطلبه فقد عصت ربها والله لا يقبل عبادتها، وتلعنها ملائكة السماء: رواه ابن حبان في صحيحه، والبيهقي في شعب الإيمان، والضياء المقدسي في الأحاديث الجياد المختارة، من رواية عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (ثلاثة لا ترفع صلاتهم فوق رءوسهم شبراً)، وفي رواية ابن حبان : (ثلاثة لا يقبل الله منهم صلاتهم: الصنف الأول: رجل أمّ قوماً وهم له كارهون)، بمعنى الرواية المتقدمة، وقلت: هذه الكراهة إذا كانت شرعية وفي محلها، أي: فيه صفات الفسق والمعصية فكرهوه؛ لأنه تقدم عليهم، فهذا لا ترفع صلاته فوق رأسه شبراً، ولا يقبل الله منه صلاته، والصنف الثاني: (امرأة باتت وزوجها عليها ساخط)، أي: عليها غضبان، هذه لا ترفع صلاتها فوق رأسها شبراً، ولا يقبل الله منها صلاة. والصنف الثالث: (وأخوان متصارمان)، أي: متقاطعان متهاجران، ولا يراد بالإخوة هنا إخوة النسب، إنما يراد منها الإخوة في الدين، والمؤمنون إخوة كما قرر رب العالمين، فمن هجر مؤمناً فالله لا يقبل منه عملاً، ولا ترفع صلاته فوق رأسه شبراً، ولا تقبل له الصلاة حتى يصطلحا.

هنا ثلاثة أصناف: (لا ترفع صلاتهم فوق رأسهم شبراً، ولا يقبل الله منهم صلاةً: رجلاً أم قوماً وهم له كارهون، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط، وأخوان متصارمان)، يعني متهاجران متقاطعان كل واحد إذا التقى بأخيه أعرض عنه، يا عبد الله لماذا؟ الدنيا كلها فانية، وما تسوى عند الله جناح بعوضة، وأنت تهجر ولي الله وعبد الله من أجل خلافات دنيوية هذا لا يصح ولا ينبغي، هؤلاء الثلاثة كما أخبر نبينا عليه الصلاة والسلام: (لا تقبل منهم صلاة، ولا ترفع صلاتهم فوق رءوسهم شبراً)، محل الشاهد كما هو واضح: المرأة إذا باتت وزوجها عليها ساخط، فإذا دعاها لحاجته وأبت ورفضت لاعنتها ملائكة السماء، وغضب عليها رب الأرض والسماء سبحانه وتعالى.

الحديث الرابع بمعنى الأحاديث المتقدمة أيضاً: رواه الطبراني في معجمه الأوسط، وابن حبان في صحيحه، وابن خزيمة في صحيحه، والبيهقي في السنن الكبرى، وفي شعب الإيمان، ورواه الضياء المقدسي في الأحاديث الجياد المختارة، والحديث حسن من رواية جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ثلاثة لا تقبل لهم صلاة، ولا تصعد لهم إلى السماء حسنة)، بمعنى الرواية المتقدمة، لكن في كل لفظة رواية زائدة، هناك: (لا تقبل الصلاة ولا ترفع فوق رءوسهم شبراً)، هنا: (لا تقبل الصلاة، ولا تصعد لهم إلى السماء حسنة) أولهم: (العبد الآبق حتى يرجع إلى مواليه فيضع يده في أيديهم)، عبد هرب وشرد من مواليه من أسياده من مالكيه، لا يقبل الله منه صلاةً ولا ترفع له إلى السماء حسنة حتى يكف عن ظلمه، ويعود إلى أسياده.

والصنف الثاني: (والمرأة الساخط عليها زوجها حتى يرضى)، امرأة زوجها عليها ساخط، لا يقبل الله لها صلاةً، ولا يرفع لها إلى السماء حسنة.

والصنف الثالث: (والسكران حتى يصحو)، هناك أخوان متصارمان، وهنا سكران، وهؤلاء كلهم ينالهم هذا الوعيد، سكر وضيع عقله، ففي هذه الحالة لا يقبل منه صلاةً، ولا تصعد له إلى السماء حسنة حتى يعود إليه رشده، وينكف عن سكره وضلاله.

الحديث الخامس هو يشتمل على عدة أحاديث مراسيل، وروي كما سيأتينا متصلاً، وتقدم معنا أن المرسل: ما يرفعه التابعي إلى النبي على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه.

الحديث الأول المرسل: مرسل عطاء بن دينار الهذلي ، رواه ابن خزيمة في صحيحه في الجزء الأول، صفحة اثنتي عشرة، وقال: إنه روي أيضاً متصلاً من طريق أنس بن مالك رضي الله عنه، قال ابن خزيمة : ولولاه -يعني أثر أنس - ما كنت أخرجت الخبر المرسل؛ لأن صحيح ابن خزيمة كتاب في الأحاديث الصحيحة الثابتة، والخبر المرسل فيه انقطاع، ففيه ضعف، يقول: لولا أثر أنس لما أخرج أثر عطاء بن دينار الهذلي ، فبعد أن أورد حديث عطاء أورد حديث أنس ليقرر أن الأثر المرسل من طريق عطاء بن دينار ، الأثر المرسل من رواية أنس يقوي بعضهما بعض، وأشار إليهم البيهقي في السنن الكبرى في الجزء الثالث، صفحة ثمان وعشرين ومائة، وعطاء بن دينار الهذلي كما قلت هو من التابعين الأبرار، صدوق، حديثه مخرج في كتاب الأدب المفرد للبخاري، وسنن أبي داود، والترمذي ، وقد توفي سنة ست وعشرين ومائة، ولم أقف على ثبوت لقائه لصحابي، وعليه فهو من أتباع التابعين على حسب الاصطلاح العلمي الدقيق، عطاء بن دينار الهذلي ، وأثره -كما قلت- وأثر أنس بمعنىً واحد.

ولفظه عن النبي عليه الصلاة والسلام: (ثلاثة لا ترفع صلاتهم فوق رءوسهم)، بمعنى الأحاديث المتقدمة، (رجل أم قوماً وهم له كارهون)، وهنا زيادة صنف مع حذف صنف مما تقدم، (ورجل صلى على جنازة ولم يؤمر)، حضرت الجنازة أولى الناس بها الولي وهو: ولي الميت، فهذا الذي ينبغي أن يصلي، فإذا أناب عنه الولي من أناب، فهو الذي أناب، وأما إذا تقدمت وما قدمك أحد، فلا يقبل الله صلاتك ولا ترفع صلاتك فوق رأسك، (رجل صلى على جنازة ولم يؤمر)، وهذه الفضولية ينبغي أن نتنزه عنها في حياتنا، فشيء لم يطلب منك لا تفعله، وليس هذا من حقك، هذا حق الولي، فإذا أراد أن يقدم من شاء فليقدم، وأما أنت فلا تتقدم لأجل أن تصلي على هذه الجنازة وما قدمك أحد، فلك هذه العقوبة عند الله.

والصنف الثالث: (وامرأة دعاها زوجها من الليل فأبت عليه)، وهذا محل الشاهد، وهذه لا ترفع صلاتها فوق رأسها.

والأثر الثاني مرسل الحسن البصري عليه رحمة الله، وهو من التابعين باتفاق، وقد رأى عثمان ، وطلحة رضي الله عنهم أجمعين والكبار من الصحابة ، الحسن البصري هو سيد المسلمين في زمنه، وهو الذي كانت تعلمه أمنا أم سلمة زوج النبي على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه، ويقال: إن ثديها در عليه بعد موت النبي عليه الصلاة والسلام فأصابه نور النبوة وبركة النبوة، فكان إماماً ربانياً، الحسن البصري الذي توفي سنة عشر ومائة للهجرة، من شيوخ المسلمين وساداتهم، حديثه مخرج في الكتب الستة.

مرسله أخرجه البيهقي في الجزء الثالث، صفحة ثمان وعشرين، وروى البيهقي نحوه أيضاً خبراً متصلاً من طريق أبي سعيد الخدري ، يساويه ويدل عليه بمعناه.

ولفظ الحديث عن نبينا عليه الصلاة والسلام: (ثلاثة لا تجاوز صلاتهم رءوسهم: رجل أم قوماً وهم له كارهون، وامرأة باتت وزوجها ساخط عليها، ومملوك فر من مولاه).

والمرسل الثالث: مرسل قتادة بن دعامة السدوسي ، وقد توفي سنة ثمان عشرة ومائة للهجرة، وهو من أئمة التابعين الكبار رضوان الله عليهم أجمعين، وحديثه مخرج في الكتب الستة، وقد رأى أنس بن مالك ، وعبد الله بن سرجس من الصحابة الكرام، كما رأى أبا الطفيل وهو آخر الصحابة موتاً رضي الله عنهم أجمعين.

ولفظ أثر قتادة المرسل عن نبينا عليه الصلاة والسلام أنه قال: (ثلاثة لا تجاوز صلاتهم آذانهم: عبد أبق من مواليه، ورجل أم قوماً وهم له كارهون، وامرأة باتت وزوجها عليها غضبان)، وهذا الأثر أخرجه البيهقي في السنن الكبرى في المكان المتقدم آنفاً.

وهذه الآثار كلها فيها تقرير ما تقدم، ولا يوجد أثر إلا وفيه أن المرأة إذا عصت زوجها وما أجابته لا تقبل صلاتها، والله يغضب عليها، وملائكة السماء تلعنها.

إذاً ينبغي أن تعي المرأة هذا الأمر، فإن مخالفة المرأة لزوجها شنيعة وخيمة، وإذا خالفت المرأة زوجها ونشزت عليه وعصت فلا تسأل عن هلكتها، وعن غضب الله عليها؛ لأنه لا يمكن لأحد أن يحيط بمقدار غضب الله عليها في هذا الوقت عندما تعصي زوجها، وقد أشار إلى هذا نبينا صلى الله عليه وسلم، والحديث ثابت صحيح كالشمس وضوحاً، رواه البخاري في الأدب المفرد، وابن حبان في صحيحه، والحاكم في مستدركه، والطبراني في معجمه الكبير، ورواه أبو يعلى ، وابن عساكر عليهم جميعاً رحمة الله، عن فضالة بن عبيد رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ثلاثة لا تسأل عنهم)، يعني: عما يصيبهم من بلاء وغضب وعقوبة عند الله، لا تسأل عن مقدار عقوبتهم، ولا عن مقدار هلكتهم، ولا عن فظاعة جرمهم، (الصنف الأول: رجل فارق الجماعة وعصى إمامه)، خرج على جماعة المسلمين، وأوجد فتناً بين عباد الله الموحدين، لا تسأل عن عقوبته وعن هلكته التي سينالها عند ربه، (رجل فارق الجماعة وعصى إمامه، وعبد أبق من سيده فمات عاصياً، وامرأة غاب عنها زوجها وقد كفاها المؤنة فخانته -وفي رواية-: فتبرجت بعده)، هذا في الحقيقة بلاء، ولا تسأل عن هلكة المرأة إذا صدر هذا منها، غاب زوجها في سفر كفاها المؤنة وأحضر لها ما يلزمها فخرجت بعده، الخروج بدون تبرج معصية للزوج، فكيف إذا خرجت مع تبرج؟ فكيف إذا خانت زوجها في خروجها؟! لا تسأل عن هلكتها، وعن مقدار غضب الله عليها، إن مخالفة الزوجة لزوجها شنيعة وخيمة.

نعم إن المرأة إذا أطاعت زوجها كما تقدم معنا مع طاعة ربها تدخل الجنة من أي باب شاءت، وإذا عصت زوجها فالويل لها، ولذلك تقدم معنا من عظيم الأجر الذي تحصله المرأة في حال حملها ووضعها وإرضاعها، وبذلك يكون لها حق على الولد يزيد على الوالد بثلاثة أضعاف، هذا كله ينبغي أن تحافظ عليه وألا تضيعه بمعصيتها لزوجها، فإذا نشزت على الزوج وعصت فما ستحصله من مغانم في الزواج قد لا يفي بالمغارم التي سترتكبها عند عصيان الزوج، ولذلك أشار نبينا صلى الله عليه وسلم إلى هذا، وأخبرنا أن المرأة إذا لم تعص زوجها فهنيئاً لها؛ لأنها إن تبذل ما تبذل من جهد فسيكافئها الله عليه، لكن إذا نشزت وعصت الزوج فهذا الجهد بعد ذلك قد لا يفي بمقدار هذه المعصية التي ستصدر منها.

ثبت في مسند الإمام أحمد ، وسنن ابن ماجه ، ومستدرك الحاكم ، والحديث رواه ابن منيع في مسنده، ورواه الضياء المقدسي في الأحاديث الجياد المختارة، وأبو داود الطيالسي في مسنده من رواية أبي أمامة رضي الله عنه، والحديث إسناده ثقات أثبات، لكن الراوي عن أبي أمامة ، وهو سالم بن أبي الجعد وهو: ثقة، توفي سنة مائة للهجرة، وقيل: قبلها، وقيل: بعدها، وحديثه مخرج في الكتب الستة، لكن اختلف فقط في سماعه من أبي أمامة ، فعلى سماعه من أبي أمامة الحديث متصل، وإلى هذا ذهب ابن حبان ، وأبو حاتم عليهم جميعاً رحمة الله، وذهب البخاري فيما نقله عنه الترمذي في العلل إلى أن سالم بن أبي الجعد من التابعين لكنه لم يدرك أبا أمامة راوي الحديث، وعليه ففي الحديث انقطاع، والعلم عند الله جل وعلا، اختلف أئمتنا في إدراك سالم بن أبي الجعد ، لـأبي أمامة ، وعمره يؤهله للإدراك، وقد رأى عدداً من الصحابة الكرام، وإذا لم يكن هناك ترجيح واضح فالأصل كما قرر أئمتنا: من حفظ حجة على من لم يحفظ، والمثبت مقدم على النافي، وعليه فكلام ابن حبان ، وأبي حاتم في هذه القضية فيما يظهر أظهر وأقوى؛ لأنهما ما قالا إلا بعد ثبوت اللقاء بين سالم بن أبي الجعد ، وأبي أمامة والعلم عند الله جل وعلا.

ولفظ الحديث عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: (أتت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وكان نبينا عليه صلوات الله وسلامه في بيت أمنا عائشة رضي الله عنها، ومع هذه المرأة صبيان، وفي رواية: معها صبيتان)، إما أنه كان معها أحد الأمرين وعبر عنه صبي أو صبية، أو أن هذه القصة تكررت والعلم عند الله، قال: (معها صبيتان، تحمل أحدهما على ظهرها، وتقود الآخر بين يديها) ، صبيان تقودهما، واحد تحمله على ظهرها، والآخر تقوده بين يديها وجاءت إلى بيت النبي عليه الصلاة والسلام وهو عند أمنا عائشة ، وفي بعض الروايات قال: (وهي حامل على ظهرها صبي، وبين يديها صبي أو صبية، وفي بطنها صبي، وهي حامل، فأعطتها أمنا عائشة ثلاث تمرات، فأعطت كل صبي تمرة، وبقي تمرة فشقتها إلى قسمين وأعطت كل صبي نصف التمرة، وهي ما أكلت شيئاً)، فأمنا عائشة رضي الله عنها أعجبها هذا المشهد، وهذا الحنو، وهذه الرأفة، وهذه الرحمة الموجودة في قلب الأم، ثلاث تمرات أعطت كلاً من الصبيين تمرة، ثم هذه التمرة الثالثة تقسمها وتعطي كل صبي نصف تمرة وهي لا تأكل شيئاً، (فذكرت أمنا عائشة ما حصل من هذه المرأة في بيت النبي عليه الصلاة والسلام لنبينا عليه الصلاة والسلام، فقال عليه الصلاة والسلام: حاملات، مرضعات، واضعات، رحيمات، لولا ما يأتين إلى أزواجهن لدخلت مصلياتهن الجنة)، (حاملات مرضعات واضعات رحيمات)، هذه الصفة في النساء تحمل، تضع، ترضع، رحيمة، (لولا ما يأتين إلى أزواجهن لدخلت مصلياتهن الجنة)، يعني: التي تطيع ربها ولا تعصي زوجها تدخل الجنة، لكن أكثر النساء حالتهن منكرة، تقوم بهذا الجهد من حمل ووضع وإرضاع وفي قلبها حلم ورحمة، ثم بعد ذلك يكون منها غلظة وفضاضة وسوء عشرة مع الزوج، وكما قلت قد لا يفي الظلم بالغرم.

هذا فيما يتعلق بالأمر الأول من الأمرين اللذين تحصلهما الزوجة بزواجها، أولهما: حسن عشرتها، وهذا يحصله الزوج أيضاً بزواجه مع زوجته.

الأمر الثاني كما تقدم في الزوج: الأجر على النفقة، الرجل عندما ينفق على زوجته يثاب أكثر من ثواب الصدقة والجهاد وغير ذلك، وهكذا المرأة إذا أنفقت على زوجها وساعدته تثاب على هذه النفقة إذا كان عندها مال، وهل يجوز للزوجة أن تعطي زوجها من الصدقة الواجبة عليها يعني من الزكاة أم لا؟ سيأتينا الكلام في ذلك، أما صدقة التطوع فهذه جائزة بإجماع، وصدقتها على زوجها ومساعدتها لزوجها أفضل من صدقتها على غير زوجها ومساعدتها لغير زوجها، لكن الصدقة الواجبة إذا كانت غنية وزوجها فقير، هل يجوز أن تعطيه أم لا؟ اتفق أئمتنا على أنه لا يجوز للإنسان أن يعطي زكاته صدقته الواجبة لأبويه؛ لوجوب نفقتهما عليه، فنفقتهما واجبة عليك، فكيف تعطيهما إذاً من الزكاة؛ لأنك تسقط النفقة الواجبة عليك عندما تعطيهما من الزكاة، كما اتفق أئمتنا على عدم جواز إعطاء الأولاد من الزكاة الواجبة، ولا يجوز للأبوين أن يعطيا الزكاة إلى الأولاد أو إلى الفروع، كما اتفق أئمتنا على أمر ثالث: على عدم جواز إعطاء الزوج زكاته الواجبة لزوجته، هذه محل اتفاق.

والصورة التي معنا هل يجوز للمرأة أن تعطي زكاتها الواجبة لزوجها؟ ذهب الشافعي إلى الجواز وقال: يجوز، وعلى هذا صاحبا أبي حنيفة عليهم جميعاً رحمة الله أبو يوسف ، ومحمد قالا بالجواز، وهذه إحدى الروايتين عن الحنابلة عن أحمد ، وهي التي رجحها محقق المذهب الحنبلي ابن قدامة في المغني في الجزء الثاني، صفحة أربع عشرة وخمسمائة، وللمالكية أيضاً قولان في ذلك، وللإمام مالك قول يقول فيه: إذا أعطت الزوجة الصدقة الواجبة لزوجها ليصرفها على غيرها جاز، وإذا كانت ستعود هذه النفقة إليها حتى ينفق عليها فهذا كما قلت له قولان: قول بالجواز، وقول بالمنع، أما إذا أعطته لينفق على غيرها، كأن ينفق على الأولاد أو على زوجاته الأخريات فهذا يقول: جائز.

وعليه يصبح قول الجمهور بالجواز، وهو قول الشافعي ، وإحدى الروايتين عن أحمد ، وعن مالك ، وعليها صاحبا أبي حنيفة عليهم جميعاً رحمة الله: يجوز للزوجة أن تعطي زكاتها الواجبة لزوجها، ودليل هذا عدة أمور؛ أولها: الأصل، ولا يوجد ما يمنع، وأما بالنسبة للزوج فيوجد ما يمنع؛ لأنه إن أعطاها زكاته الواجبة فقد أسقط نفقته الواجبة عليها، فكأنه ما أخرج إذاً الزكاة، وأما هنا فالأصل الجواز.

والدليل الثاني: النصوص الشرعية وسأورد بعضها إن شاء الله لإطلاقها تجيز للمرأة أن تعطي صدقتها لزوجها.

والدليل الثالث كما قال ابن قدامة في المغني: لا يوجد ما يمنع من ذلك في شريعة الله المطهرة، لا يوجد مانع على الإطلاق، والأصل الجواز والنصوص الشرعية إطلاقها يدل على هذا، ولا يوجد مانع، فلماذا نقول: لا يجوز للمرأة أن تعطي زكاتها الواجبة لزوجها، يجوز؛ لأنها لا يجب عليها أن تنفق على الزوج كما سيأتينا وإن كانت غنية، ونفقتها واجبة على زوجها سواء كانت غنية أو فقيرة، والمرأة مكفية إن كانت عند أبويها ينفق عليها والدها، وإن كانت عند زوجها ينفق عليها زوجها كما سيأتينا، وهي عرض يصان، ومن امتهان المرأة أن يكلفها نفقتها، هذا من امتهانها أن تكلف المرأة أن تنفق على نفسها أو على غيرها، وهي عندنا درة مصونة، وعرض يصان، فالزوج ينفق، لكن لو قدر أنها غنية ثرية ورثت من أهلها مالاً، عندها شيء من مهرها الذي عندها وأرادت أن تعطيه للزوج، فهي تثاب على ذلك، وهذه مروءة آدمية إسلامية، ونخوة إيمانية منها عندما تساعد زوجها، فتثاب ثواباً عظيماً يزيد على ثواب الصدقة كما سيأتينا.

إذاً قول الجمهور كما قلت: يجوز للمرأة أن تعطي زكاتها الواجبة لزوجها، هذا قول الإمام الشافعي ، ولا نزاع عند الشافعية في ذلك، وهو أحد القولين عند الحنابلة والمالكية، وعليه كما قلت صاحبا الإمام أبي حنفية عليهم جميعاً رحمة الله ورضوانه، وقد وردت في ذلك أحاديث كثيرة سأقتصر على حديثين اثنين:

صدقة زوجة ابن مسعود على زوجها

الحديث الأول: حديث جرى مع السيدة المباركة زينب زوجة عبد الله بن مسعود رضي الله عنهم أجمعين، والحديث ثابت في الصحيحين، وسنن النسائي ، والسنن الكبرى للبيهقي ، ورواه البغوي في شرح السنة، ولفظ الحديث: عن زينب امرأة عبد الله بن مسعود رضي الله عنهم أجمعين قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تصدقن يا معشر النساء ولو من حليكن، قالت: فرجعت إلى عبد الله -تعني به عبد الله بن مسعود زوجها- وكان فقيراً رضي الله عنه، فقلت: إنك رجل خفيف ذات اليد، ما عندك سعة، وليس بين يديك دراهم ودنانير، إنك خفيف ذات اليد، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمرنا بالصدقة، فأته فاسأله، فإن كان ذلك يجزي -بمعنى يكفي)، في جامع الأصول يقول: يجزئ -بالهمز- أي: يكفي عني أيضاً، ويسقط الصدقة المطلوبة مني، لكن الضبط الصحيح كما قال النووي : يجزي -بالياء- فإن كان ذلك يجزي بمعنى يكفي عني، وإلا صرفتها إلى غيركم، (فقال لي عبد الله : بل ائته أنت) اذهبي أنت واسأليه، أنت سمعت من النبي عليه الصلاة والسلام: (يا معشر النساء تصدقن) وتريدين أن تتصدقي، واللفظ عام في الصدقة الواجبة، أو صدقة النافلة التي هي مستحبة، أنت اذهبي واسأليه، (قالت: فانطلقت فإذا امرأة من الأنصار بباب رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجتي حاجتها، أي: تسأل عما أريد أن أسأل، هي تريد أن تتصدق على زوجها أيضاً، قالت: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ألقيت عليه المهابة)، ومع المهابة كما تقدم معنا ملاحة، وجمع الله له الجلال والجمال عليه صلوات وسلامه، كما جمع له المهابة والملاحة عليه صلوات الله وسلامه، ومع ملاحته عنده هذه المهابة بحيث ما كان أحد يستطيع أن يديم النظر إليه عليه صلوات الله وسلامه، وتقدم معنا عمن هو من أشجع الصحابة وهو عمرو بن العاص رضي الله عنه كما في صحيح مسلم وهذا تقدم معنا من الصفات الخلقية في خير البرية عليه صلوات الله وسلامه أنه عندما احتضر قال: (ما استطعت أن أملأ عيني من النبي عليه الصلاة والسلام إجلالاً له)، وعمرو هو من هو، ومع ذلك ما ملأ عينيه من النظر إلى النبي عليه الصلاة والسلام مدة حياة نبينا عليه الصلاة والسلام، فلما احتضر عمرو بدأ يخبر عن حاله نحو النبي عليه الصلاة والسلام، يقول: (ما ملأت عيني إجلالاً للنبي عليه الصلاة والسلام).

وهنا تقول: (وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد ألقيت عليه المهابة والملاحة)، جمال وجلال عليه صلوات الله وسلامه، (قالت: فخرج علينا بلال فقلنا له: ائت رسول الله عليه الصلاة والسلام فأخبره: أن امرأتين بالباب يسألانك: أتجزئ الصدقة عنهما على أزواجهما وعلى أيتام في حجورهما؟)، والأيتام هنا في حجورهما تحت رعايتهما قيل: هم بنو أخيها وبنو أختها، ولا تخبره من نحن، والمعنى: إذا سألك عنا فلا تقل: زينب امرأة عبد الله بن مسعود والأنصارية الثانية، لا تخبره من نحن، (قالت: فدخل بلال على رسول الله عليه الصلاة والسلام فسأله: هل يجوز للمرأة أن تعطي صدقتها لزوجها؟ وامرأتان بالباب يسألان هذا السؤال، فقال له رسول الله عليه الصلاة والسلام: من هما؟ وقد قالا له: لا تخبر من هما، قال: امرأة من الأنصار وزينب ، فقال رسول الله عليه الصلاة والسلام: أي الزيانب؟)، فالزيانب كثيرات، أي الزيانب هذه التي جاءت؟ (أي الزيانب؟ قال: امرأة عبد الله بن مسعود رضي الله عنهم أجمعين).

ولا إشكال من إخبار بلال عن المرأتين مع أنهما قالتا له: لا تخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أسمائنا؛ لأنهما لم تلزماه بذلك، إنما قالتا له: أنت لا تتعجل بالإخبار فلا ضرورة أن يعرف من السائل، لكن إذا سألك حتماً أخبره، فما صدر منهما ما صدر عن طريق الإلزام حتى يقال: هو خالف إلزامهما، لا، إنما قصدتا: أنت لا تتعجل بالإخبار، فلا ضرورة أن تخبره عني وعن فلانة، إنما سله هذا السؤال وعد إلينا وأخبرنا، ويمكن أن يقال: لو ألزمتاه هما ألا يخبر، والتزم بذلك، نقول: تعارضت المصالح، وإذا تعارضت يقدم الأهم، فإجابة النبي عليه الصلاة والسلام أوجب، فلو قلن له: لا تخبره، ثم سأله النبي عليه الصلاة والسلام فطاعة النبي أولى، قال: فلانة وفلانة، ويمكن أن يقال: وإن ألزمتاه بألا يخبر، فما التزم هو، فلا يجب إسعاف كل سائل، وأول الأجوبة أقواها، فهما ما ألزمتاه بذلك، ولا رأتا أن هذا لازم عليه، إنما أنت لا تتطوع ولا تتسرع بالإخبار، فإن سألك أخبره، ولو قلنا: ألزمتاه بذلك، فطاعة النبي عليه الصلاة والسلام أوجب.

وفي بعض روايات الحديث في صحيح البخاري من رواية أبي سعيد الخدري قال: (خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في أضحى أو فطر -يعني في أحد العيدين، صلاة عيد الأضحى أو عيد الفطر- إلى المصلى، ثم انصرف فوعظ الناس فأمرهم بالصدقة، فقال: يا أيها الناس! تصدقوا، ومر على النساء فقال: يا معشر النساء! تصدقن، فإني رأيتكن أكثر أهل النار، فقلن: ولم ذلك يا رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: تكثرن اللعن، وتكفرن العشير -وهو الزوج المعاشر- ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن يا معشر النساء)، رجل حازم عاقل المرأة إذا عملت حركة من الحركات الشيطانية تغريه وتغويه، (ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن يا معشر النساء، ثم انصرف النبي صلى الله عليه وسلم، فلما صار إلى منزله جاءت زينب امرأة عبد الله بن مسعود رضي الله عنهم أجمعين تستأذن عليه، فقيل: يا رسول الله عليه صلوات الله وسلامه هذه زينب ؟ فقال: أي الزيانب؟ فقيل: امرأة عبد الله بن مسعود رضي الله عنهم أجمعين، قال: نعم ائذنوا لها، فأذن لها، فقالت: يا نبي الله إنك أمرت اليوم بالصدقة، وكان عندي حلي لي فأردت أن أتصدق به، فزعم ابن مسعود أنه وولده أحق من تصدق به عليهم -قال لها: أعطيني هذه الصدقة أحسن من أن تتصدقي بها على البعيد- فقال النبي عليه الصلاة والسلام: صدق ابن مسعود ، زوجك وولدك أحق من تصدقت به عليهم).

ابن حجر عليه رحمة الله في تكملة الحديث يقول: المذاهب الأربعة لا يجوز للأبوين أن يعطيا الصدقة الواجبة للأولاد، يقول: إلا الأم؛ لأنها لا يجب عليها أن تنفق على الولد، فصار حكم الأم مع الأولاد كحكم الزوجة مع الزوج، يقول: في الأصل لا يجب عليها صدقة، واجبة، ولا يجب عليها، النفقة على الأولاد، الولد نفقته على أبيه، فكما يجوز أن تتصدق على الأب الذي هو زوجها فيجوز لها أن تعطي صدقتها الواجبة لابنها إذا كان فقيراً، وقال: قال بهذا بعض العلماء، لكن كما قلت: المذاهب الأربعة منعوا من ذلك لما بين الأبوين والأولاد من البعضية والجزئية، فالولد جزء من الأم، كما أنه جزء من الأب؛ فكأنها أعطت نفسها عندما تعطيه صدقتها الواجبة، وهذا كما قلت كلام المذاهب الأربعة رحمة الله ورضوانه عليهم أجمعين.

هذا الحديث الأول فيه: أن المرأة عندما تساعد زوجها، ولنفرض بأنه لا يجب عليها صدقة واجبة، إنما ساعدته بما تملك من حلي لا يجب فيه الزكاة.. من شيء ملكته ليس بنصاب، ثم ساعدت الزوج لأجل أن يستعين به على أموره، هذه المساعدة لها أجر الصدقة، ولها أجر صلة القرابة وأعظم من يتصل بها قرابةً الآن زوجها فهو أعظم الناس حقاً عليها فالذي يهدي لأبويه، يتصدق عليهما صدقةً ليست واجبة، يثاب أعظم مما يثاب على الصدقة على الآخرين، والذي يتصدق على أقاربه يثاب وله أجر الصدقة، وأجر الصلة، فالمرأة عندما تساعد زوجها تثاب، صدقة وصلة تصل بذلك زوجها وتساعده على أمور حياته.

نفقة أم سلمة على أبنائها من زوجها أبي سلمة

الحديث الثاني في أن المرأة عندما تنفق على زوجها وعلى أولادها تثاب، كما أن الزوج عندما ينفق على زوجه وعلى أولاده يثاب.

الحديث الثاني: ثبت في المسند، والصحيحين، وسنن النسائي ، ورواه أبو داود الطيالسي ، والبيهقي في السنن الكبرى ، والبغوي في شرح السنة، من رواية أمنا أم سلمة رضي الله عنها قالت: (قلت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم هل لي أجر في بني أبي سلمة ؟)، زوجها أبو سلمة رضي الله عنه توفي وخلف أربعة أولاد: عمر ، ومحمد ، وزينب ، ودرة ، ذكران وبنتان، وهؤلاء الأولاد الأربعة لأمنا أم سلمة رضي الله عنهم أجمعين هم الذين ذكرهم الحافظ ابن حجر في فتح الباري في الجزء الثالث، صفحة واحدة وثلاثين وثلاثمائة، وقد أسقط الحافظ ولداً خامساً لأمنا أم سلمة من زوجها أبي سلمة رضي الله عنهم أجمعين وهو سلمة ، نعم روي خلاف في عد محمد من أولاد أم سلمة وزوجها أبي سلمة ، والمعتمد عده وثبوته، وهو من الصحابة الكرام كما في أسد الغابة، والإصابة، وقال الذهبي في تجريد أسماء الصحابة: له رواية يعني: لـمحمد ولد أمنا أم سلمة رضي الله عنهم أجمعين، له رواية، أو كأنه عمر فتصحف، وانظر التفصيل في الكتابين السابقين في أسد الغابة، والإصابة، والعلم عند الله جل وعلا.

هذا وقد أكرم الله أمنا أم سلمة بعد موت زوجها أبي سلمة ، أكرمها الله بالزواج من نبينا صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، (قلت: هل لي أجر في بني أبي سلمة أنفق عليهم ولست بتاركتهم، هؤلاء أولادي منه أنفق عليهم، ولست بتاركتهم هكذا وهكذا؟ يعني يشردون ويضيعون، وأنا أنفق عليهم الآن من مالي هل لي أجر؟ إنما هم بني، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: نعم، لك فيهم أجر ما أنفقت عليهم)، وفي رواية: (يا أم سلمة ! أنفقي عليهم، فإن لك أجر ما أنفقت عليهم).

إذاً هذه المرأة أيضاً عندما تحسن عشرتها مع زوجها تثاب ثواباً عظيماً، فيقال لها: (ادخلي الجنة من أي أبوابها شئت)، إذا حسنت عشرتها مع زوجها وطاعة ربها، وإذا أنفقت على الزوج وعلى الأولاد وعندها غنى ويسار أيضاً تثاب على ذلك كما يثاب الزوج عندما ينفق على زوجته وعلى أولاده.

والأحاديث في ذلك كما قلت كثيرة ووفيرة، نعم إن الأرحام أولى الناس بصدقتك وبمعروفك وبإحسانك، وأولى الأرحام بذلك هذا الزوج الذي بينه وبين الزوجة صلة خاصة لا تحصل بين اثنين إلا بين الزوجين، وكما قلت صلة الأرحام تقدم على غيرهم.

وقد ثبت في المسند، والسنن الأربعة إلا سنن أبي داود ، والحديث رواه ابن حبان في صحيحه، والحاكم في مستدركه، كما رواه ابن خزيمة في صحيحه، ورواه الدارمي في سننه، وابن أبي شيبة في مصنفه، والبيهقي في السنن الكبرى، والضياء المقدسي في الأحاديث الجياد المختارة، والحديث صحيح من رواية سلمان بن عامر الضبي رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (الصدقة على المسكين صدقة، وهي على ذي الرحم اثنتان: صدقة وصلة)، وكما قال هنا: (لها أجر الصدقة وأجر القرابة)، (الصدقة على المسكين صدقة، وهي على ذي الرحم اثنتان: صدقة وصلة)، لك أجر الصدقة، ولك صلة الرحم في ذلك.

الحديث الأول: حديث جرى مع السيدة المباركة زينب زوجة عبد الله بن مسعود رضي الله عنهم أجمعين، والحديث ثابت في الصحيحين، وسنن النسائي ، والسنن الكبرى للبيهقي ، ورواه البغوي في شرح السنة، ولفظ الحديث: عن زينب امرأة عبد الله بن مسعود رضي الله عنهم أجمعين قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تصدقن يا معشر النساء ولو من حليكن، قالت: فرجعت إلى عبد الله -تعني به عبد الله بن مسعود زوجها- وكان فقيراً رضي الله عنه، فقلت: إنك رجل خفيف ذات اليد، ما عندك سعة، وليس بين يديك دراهم ودنانير، إنك خفيف ذات اليد، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمرنا بالصدقة، فأته فاسأله، فإن كان ذلك يجزي -بمعنى يكفي)، في جامع الأصول يقول: يجزئ -بالهمز- أي: يكفي عني أيضاً، ويسقط الصدقة المطلوبة مني، لكن الضبط الصحيح كما قال النووي : يجزي -بالياء- فإن كان ذلك يجزي بمعنى يكفي عني، وإلا صرفتها إلى غيركم، (فقال لي عبد الله : بل ائته أنت) اذهبي أنت واسأليه، أنت سمعت من النبي عليه الصلاة والسلام: (يا معشر النساء تصدقن) وتريدين أن تتصدقي، واللفظ عام في الصدقة الواجبة، أو صدقة النافلة التي هي مستحبة، أنت اذهبي واسأليه، (قالت: فانطلقت فإذا امرأة من الأنصار بباب رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجتي حاجتها، أي: تسأل عما أريد أن أسأل، هي تريد أن تتصدق على زوجها أيضاً، قالت: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ألقيت عليه المهابة)، ومع المهابة كما تقدم معنا ملاحة، وجمع الله له الجلال والجمال عليه صلوات وسلامه، كما جمع له المهابة والملاحة عليه صلوات الله وسلامه، ومع ملاحته عنده هذه المهابة بحيث ما كان أحد يستطيع أن يديم النظر إليه عليه صلوات الله وسلامه، وتقدم معنا عمن هو من أشجع الصحابة وهو عمرو بن العاص رضي الله عنه كما في صحيح مسلم وهذا تقدم معنا من الصفات الخلقية في خير البرية عليه صلوات الله وسلامه أنه عندما احتضر قال: (ما استطعت أن أملأ عيني من النبي عليه الصلاة والسلام إجلالاً له)، وعمرو هو من هو، ومع ذلك ما ملأ عينيه من النظر إلى النبي عليه الصلاة والسلام مدة حياة نبينا عليه الصلاة والسلام، فلما احتضر عمرو بدأ يخبر عن حاله نحو النبي عليه الصلاة والسلام، يقول: (ما ملأت عيني إجلالاً للنبي عليه الصلاة والسلام).

وهنا تقول: (وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد ألقيت عليه المهابة والملاحة)، جمال وجلال عليه صلوات الله وسلامه، (قالت: فخرج علينا بلال فقلنا له: ائت رسول الله عليه الصلاة والسلام فأخبره: أن امرأتين بالباب يسألانك: أتجزئ الصدقة عنهما على أزواجهما وعلى أيتام في حجورهما؟)، والأيتام هنا في حجورهما تحت رعايتهما قيل: هم بنو أخيها وبنو أختها، ولا تخبره من نحن، والمعنى: إذا سألك عنا فلا تقل: زينب امرأة عبد الله بن مسعود والأنصارية الثانية، لا تخبره من نحن، (قالت: فدخل بلال على رسول الله عليه الصلاة والسلام فسأله: هل يجوز للمرأة أن تعطي صدقتها لزوجها؟ وامرأتان بالباب يسألان هذا السؤال، فقال له رسول الله عليه الصلاة والسلام: من هما؟ وقد قالا له: لا تخبر من هما، قال: امرأة من الأنصار وزينب ، فقال رسول الله عليه الصلاة والسلام: أي الزيانب؟)، فالزيانب كثيرات، أي الزيانب هذه التي جاءت؟ (أي الزيانب؟ قال: امرأة عبد الله بن مسعود رضي الله عنهم أجمعين).

ولا إشكال من إخبار بلال عن المرأتين مع أنهما قالتا له: لا تخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أسمائنا؛ لأنهما لم تلزماه بذلك، إنما قالتا له: أنت لا تتعجل بالإخبار فلا ضرورة أن يعرف من السائل، لكن إذا سألك حتماً أخبره، فما صدر منهما ما صدر عن طريق الإلزام حتى يقال: هو خالف إلزامهما، لا، إنما قصدتا: أنت لا تتعجل بالإخبار، فلا ضرورة أن تخبره عني وعن فلانة، إنما سله هذا السؤال وعد إلينا وأخبرنا، ويمكن أن يقال: لو ألزمتاه هما ألا يخبر، والتزم بذلك، نقول: تعارضت المصالح، وإذا تعارضت يقدم الأهم، فإجابة النبي عليه الصلاة والسلام أوجب، فلو قلن له: لا تخبره، ثم سأله النبي عليه الصلاة والسلام فطاعة النبي أولى، قال: فلانة وفلانة، ويمكن أن يقال: وإن ألزمتاه بألا يخبر، فما التزم هو، فلا يجب إسعاف كل سائل، وأول الأجوبة أقواها، فهما ما ألزمتاه بذلك، ولا رأتا أن هذا لازم عليه، إنما أنت لا تتطوع ولا تتسرع بالإخبار، فإن سألك أخبره، ولو قلنا: ألزمتاه بذلك، فطاعة النبي عليه الصلاة والسلام أوجب.

وفي بعض روايات الحديث في صحيح البخاري من رواية أبي سعيد الخدري قال: (خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في أضحى أو فطر -يعني في أحد العيدين، صلاة عيد الأضحى أو عيد الفطر- إلى المصلى، ثم انصرف فوعظ الناس فأمرهم بالصدقة، فقال: يا أيها الناس! تصدقوا، ومر على النساء فقال: يا معشر النساء! تصدقن، فإني رأيتكن أكثر أهل النار، فقلن: ولم ذلك يا رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: تكثرن اللعن، وتكفرن العشير -وهو الزوج المعاشر- ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن يا معشر النساء)، رجل حازم عاقل المرأة إذا عملت حركة من الحركات الشيطانية تغريه وتغويه، (ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن يا معشر النساء، ثم انصرف النبي صلى الله عليه وسلم، فلما صار إلى منزله جاءت زينب امرأة عبد الله بن مسعود رضي الله عنهم أجمعين تستأذن عليه، فقيل: يا رسول الله عليه صلوات الله وسلامه هذه زينب ؟ فقال: أي الزيانب؟ فقيل: امرأة عبد الله بن مسعود رضي الله عنهم أجمعين، قال: نعم ائذنوا لها، فأذن لها، فقالت: يا نبي الله إنك أمرت اليوم بالصدقة، وكان عندي حلي لي فأردت أن أتصدق به، فزعم ابن مسعود أنه وولده أحق من تصدق به عليهم -قال لها: أعطيني هذه الصدقة أحسن من أن تتصدقي بها على البعيد- فقال النبي عليه الصلاة والسلام: صدق ابن مسعود ، زوجك وولدك أحق من تصدقت به عليهم).

ابن حجر عليه رحمة الله في تكملة الحديث يقول: المذاهب الأربعة لا يجوز للأبوين أن يعطيا الصدقة الواجبة للأولاد، يقول: إلا الأم؛ لأنها لا يجب عليها أن تنفق على الولد، فصار حكم الأم مع الأولاد كحكم الزوجة مع الزوج، يقول: في الأصل لا يجب عليها صدقة، واجبة، ولا يجب عليها، النفقة على الأولاد، الولد نفقته على أبيه، فكما يجوز أن تتصدق على الأب الذي هو زوجها فيجوز لها أن تعطي صدقتها الواجبة لابنها إذا كان فقيراً، وقال: قال بهذا بعض العلماء، لكن كما قلت: المذاهب الأربعة منعوا من ذلك لما بين الأبوين والأولاد من البعضية والجزئية، فالولد جزء من الأم، كما أنه جزء من الأب؛ فكأنها أعطت نفسها عندما تعطيه صدقتها الواجبة، وهذا كما قلت كلام المذاهب الأربعة رحمة الله ورضوانه عليهم أجمعين.

هذا الحديث الأول فيه: أن المرأة عندما تساعد زوجها، ولنفرض بأنه لا يجب عليها صدقة واجبة، إنما ساعدته بما تملك من حلي لا يجب فيه الزكاة.. من شيء ملكته ليس بنصاب، ثم ساعدت الزوج لأجل أن يستعين به على أموره، هذه المساعدة لها أجر الصدقة، ولها أجر صلة القرابة وأعظم من يتصل بها قرابةً الآن زوجها فهو أعظم الناس حقاً عليها فالذي يهدي لأبويه، يتصدق عليهما صدقةً ليست واجبة، يثاب أعظم مما يثاب على الصدقة على الآخرين، والذي يتصدق على أقاربه يثاب وله أجر الصدقة، وأجر الصلة، فالمرأة عندما تساعد زوجها تثاب، صدقة وصلة تصل بذلك زوجها وتساعده على أمور حياته.