أرشيف المقالات

كلمات عن الرحمة

مدة قراءة المادة : 6 دقائق .
كلمات عن الرحمة
 
• إن التعريف اللغوي والاصطلاحي للرحمة البشر يشمل: العطف، والمودة، والصبر، والرأفة، وكل تعامل طيب يراعي هذه القيم.
 
• إن مفهوم الرحمة بالبشر عميق في الفكر الإنساني، منذ وجود الإنسان على الأرض، فالرحمة خلق من الأخلاق الفطرية التي يولد الإنسان بها، لأنه جزء من الدين الفطري الذي يخلق عليه الفرد، ولو تُرِك هكذا لتوصل إلى رب الوجود بفطرته السليمة.
 
• إن الفلاسفة الأخلاقيين تناولوا هذا المفهوم في فلسفاتهم بشكل معمق، ولكنه خضع لرؤاهم الشخصية، ومعايير مجتمعاتهم، فلم يكن هناك تصور شامل حول الرحمة بالبشر، بقدر ما كانت نظرات غير مكتملة ضمن ثنايا الفلسفة الأخلاقية.
 
• ضل بعض الفلاسفة في منظورهم للرحمة، فقدّموا القوة والسيادة والسيطرة (أخلاق السادة كما يدّعون)، على التراحم والعطف (أخلاق العبيد كما يرون)، وتطرف بعضهم لينكر الجانب القيمي في تكوين الإنسان لصالح نظريات: المنفعة والفردية والميكافيللية.
 
• إن الأديان السماوية (النصرانية واليهودية) قدمت مفاهيم عميقة عن الرحمة البشرية، ولكن قيم النصرانية انزوت بفعل انتشار العلمانية في المجتمعات الغربية المسيحية، والتحريف الذي نال الديانة اليهودية، وأن اليهود نشروا أينما حلّوا أخلاق المسكنة والضعف مختلطة بخسة ورِباً وغدر، وهم المنبوذون في المجتمعات التي أقاموا فيها.
 
• إن الإنسان توصل - بعد طول عناء - لكثير من مفاهيم الرحمة بالبشر وقنن ممارساتها في السلم والحرب كما هو واضح في القوانين والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، وهذا ما نراه في الإسلام، وصدق أحد المفكرين المسلمين حين قال: آتوني بأي معروف في القوانين الدولية وأنا آتيكم بمثيلها في الإسلام.
وعندما يذكر لفظة " المعروف " فالمقصود هو القيم الإنسانية الطيبة، ولا نقصد المساعي الخبيثة التي اجتهدت فيها فئات من البشر، مثل: حقوق الشواذ جنسيًا، وحق الإجهاض الآمن، وحق المراهقين والمراهقات في الانفصال الأسري عن ذويهم، وحقوق النسب للأم إذا كان المولود غير شرعي...
إلخ، فهذه قضايا تزيد الإنسان ضلالاً على ضلال.
 
• إن القرآن الكريم قدّم منظورًا شاملاً عن الرحمة بالبشر في العديد من الآيات القرآنية، كما اشتمل الخطاب القرآني الموجه إلى النبي على أوامر بالتراحم البشري في صور عدة مثل: الصبر، الرأفة، اللين...، فالله تعالى أدّب رسوله الكريم فأحسن تأديبه.
 
• جاء خلق الرحمة الذي تحلى به الرسول (صلى الله عليه وسلم) نابعًا من القرآن الكريم، ومن وحي الله تعالى.
 
• إن ذروة الرحمة بالبشر - في المنظور الإسلامي - اهتداء البشرية للإسلام، والالتزام بتعاليمه السمحة.
 
• إن الرسول (صلى الله عليه وسلم) قدّم رؤية متكاملة للرحمة بالبشر: مفهومًا وخلقًا وسلوكًا، وإنها رؤية عظيمة شديد التكامل، تتفهم حاجات الإنسان النفسية والفطرية، وتتعامل بحكمة بالغة مع نفس الإنسان التي تجمع المتناقضات في جوانبها، وهذا ما شهد به الأعداء قبل الصحابة الكرام وكل ما دوّنه المؤرخون في روايات صحيحة السند، عظيمة المتن.
 
• إن الشريعة الإسلامية استندت إلى مفهوم الرحمة البشرية في أعظم صورها لأنها انطلقت من القرآن الكريم، وسنّة النبي العظيم (صلى الله عليه وسلم)، فجاءت مختلف الأحكام الشرعية في شؤون القضاء والاجتماع والناس منطلقة من هذا المبدأ السامي.
 
• إن المجتمع المسلم مجتمع شديد التراحم، وأن الرحمة لا حدود لها، تشمل الصغير والكبير، المادي والمعنوي.
 
• من مظاهر الرحمة بالبشر: الرحمة بالوالدين، التراحم بالزواج والمصاهرة بذوي الأرحام، وبالمرأة، والجار والضيف واليتيم والطفل ومسامحة الناسي والمخطئ والمكره، وكظم الغيظ، والرفق في سائر التعاملات البشرية كلها.
 
• اتسم تعامل الرسول (صلى الله عليه وسلم) مع أهل الكتاب والمشركين والكفار بالرحمة العالية، في الأحكام الشرعية وفي التعاملات الحياتية.
 
• كذلك اتسمت تعاليمه وتعاملاته في الحرب بالرحمة بالقتيل والجريح والأسير والسبي...، وبعبارة أخرى: فإن جيش المسلمين - عند التزامه بشريعة الإسلام في الجهاد - يقدّم أرحم نموذج في الحرب.
 
• إن الأزمة بين المجتمع الغربي والمجتمع المسلم تعود إلى إرث قديم منذ ما قبل الحروب الصليبية، منذ فتح بيت المقدس، وتقليص مساحة الدولة البيزنطية على يد المسلمين الفاتحين، وتعمق أكثر بسبب الحروب الصليبية والمذابح التي حدثت في القدس وغيرها، وفترة الحروب التي استمرت ما يقرب من مئتي سنة، وزادت الأزمة في العصر الحديث بسبب سقوط معظم البلدان الإسلامية تحت الاحتلال الأوروبي، وما صاحبه من نهب منظم للثروات، وتغييب الهوية الإسلامية.
 
• لم تنته الأزمة مع خروج جيوش الاحتلال الأوروبي من العالم الإسلامي، بل استمرت بأشكال وأقنعة مختلفة: اقتصادية، سياسية، إعلامية، وعسكرية.
وأخيرًا: إن العقلاء والحكماء والعلماء ومعهم السياسيون، من مختلف الديانات والدول والشعوب، يقع عليهم العبء الأكبر في محاولة ردم الهوة المعمقة بين الأديان والشعوب، وقد يرى البعض استحالة ذلك، إلا أنه من الممكن التحاور المبني على حقائق علمية، وأدلة عقلية، ومبادئ إنسانية، ورغبة مشتركة في السلام والتعايش بين الناس.

شارك الخبر

ساهم - قرآن ٢