عمدة الفقه - كتاب الحج [1]


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم.

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا, من يهده فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله, اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه, وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل، أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل هذا الاجتماع اجتماعاً مرحوماً, وألا يجعل منا ولا فينا شقياً ولا مطروداً.

قال المؤلف رحمه الله: [ يجب الحج والعمرة مرة في العمر على المسلم العاقل البالغ الحر إذا استطاع إليه سبيلاً، والاستطاعة: أن يجد زاداً وراحلة بآلتهما مما يصلح لمثله فاضلاً عما يحتاج إليه لقضاء دينه ومئونة نفسه وعياله على الدوام. ويشترط للمرأة: وجود محرمها، وهو زوجها ومن تحرم عليه على التأبيد بنسب أو بسبب مباح ].

يقول المؤلف: (كتاب الحج).

الحج ثابت فرضه في الكتاب كما قال الله تعالى: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا [آل عمران:97]، وقوله: (على الناس) تفيد عند علماء الأصول: الوجوب، فهذا وجوب من الله سبحانه وتعالى، ولهذا قال ابن عباس : وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ [آل عمران:97]، إلى قوله: وَمَنْ كَفَرَ [آل عمران:97] قال: يعني: أعرض.

وأما السنة: فقد ثبت في الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصيام رمضان، والحج ).

وجاء في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( أيها الناس! إن الله كتب عليكم الحج فحجوا، فقام رجل فقال: يا رسول الله! أفي كل عام؟ قال: لو قلت: نعم لوجبت، ولما استطعتم، ثم قال: ذروني ما تركتكم، فإنما أهلك من كان قبلكم كثرة سؤالهم، واختلافهم على أنبيائهم، وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه )، وهذا أمر ثابت ولا إشكال، وإنما الخلاف عند أهل العلم فيمن ترك ذلك تكاسلاً فهل يكفر؟

عامة السلف والخلف على أن تارك الحج تكاسلاً وتهاوناً لا يكفر، وهذا هو الراجح، والله تبارك وتعالى أعلى وأعلم.

ونقل عن ابن مسعود وبعض السلف خلاف في ذلك، يعني: بأنه يكفر، ولكن الراجح عدم الكفر.

إذا ثبت هذا فإن المؤلف يقول: (يجب الحج والعمرة مرة في العمر)، الحج ثابت ولا إشكال، وهل العمرة واجبة؟ ذهب المؤلف رحمه الله إلى أن العمرة واجبة، وهذا هو الراجح والله تبارك وتعالى أعلى وأعلم، وهو مذهب ابن عباس و ابن عمر و جابر و زيد بن ثابت، وقد روى البخاري في صحيحه معلقاً بصيغة الجزم عن ابن عباس أنه قال: إنها لقرينة الحج في كتاب الله، وروى ابن المنذر عن ابن عمر أنه قال: الحج والعمرة فريضتان، وكذلك روي بإسناد حسن -كما يقول الحافظ ابن حجر - عن جابر بن عبد الله ، وروي مثل ذلك عن زيد بن ثابت، فهذا قول الصحابة ولا يعلم عنهم خلاف في ذلك والله تبارك وتعالى أعلى وأعلم.

وقد روى الإمام أحمد حديث عمرو بن سالم عن النعمان بن أوس عن أبي رزين رضي الله عنه أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم: ( إن أباه كان شيخاً لا يستطيع أن يحج، أفأحج عنه؟ قال: حج عن أبيك واعتمر )، قال أحمد : شعبة يجوزه، ولا أعلم حديثاً أصح في وجوب العمرة ولا أجود من هذا الحديث، وهذا يدل على أن الراجح -والله أعلم- أن العمرة واجبة.

وإذا ثبت وجوبها: فهل هي واجبة على الآفاقي أم هي واجبة على المكي والآفاقي؟ الراجح -والله أعلم- أنها واجبة عليهما جميعاً، ولا تفريق إلا بدليل، ولا دليل مرفوع عن النبي صلى الله عليه وسلم.

إذا ثبت هذا: فإن الحج والعمرة واجبتان، وقد دل على ذلك قول عمر رضي الله عنه حينما قال له الصبي بن معبد: يا أمير المؤمنين! إني وجدت الحج والعمرة مكتوبان علي فأهللت بهما، فقال: هديت لسنة نبيك، فقول عمر: (هديت لسنة نبيك) إقرار منه لقول الصبي بن معبد : (إني وجدت الحج والعمرة مكتوبان علي) فدل على أنه ينبغي للمسلم أن لا يتساهل في العمرة سواءً كان قريباً أم بعيداً.

وقول المؤلف رحمه الله: (على المسلم العاقل البالغ الحر)، (المسلم) شرط صحة، و(العاقل) شرح صحة؛ لأن عندنا في الحج شروط صحة، وعندنا شروط وجوب.

والفرق بينهما أننا إذا قلنا: شروط صحة، ولم يفعلها المرء فلا يصح منه الحج، وأما شروط الوجوب: فإنه لو حج ولم يوف بها فإن حجه صحيح، لكن الخلاف من حيث: هل تبرأ ذمته بذلك أم لا؟

اشتراط الإسلام لصحة الحج والعمرة

إذا ثبت هذا فإن من شروط الصحة: الإسلام، فالكافر لا يصح منه عمل؛ لقوله تعالى: لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ [الزمر:65]، وعلى هذا: فالكافر غير مخاطب خطاب أداء بفروع الشريعة، وإن كان مخاطباً خطاب تكليف من حيث الثواب والعقاب، ولهذا: فإن قول علماء الأصول: إن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة يقصدون بذلك خطاب الثواب والعقاب لا خطاب الأداء والفعل، وعلى هذا سار أئمة السلف والخلف.

اشتراط العقل لصحة الحج والعمرة

قوله: (العاقل) خرج به المجنون، فإن المجنون لو حج به أهله لا يصح حجه ولو أمروه أن يهل، وأن يقول مثلما يقول المكلف البالغ، فإن ذلك لا يعقل ولا تصح منه نية، وقد قال صلى الله عليه وسلم كما روى أحمد وغيره من حديث علي و عائشة : (رفع القلم عن ثلاثة، وذكر منهم: المجنون حتى يفيق).

إذا ثبت هذا فإن الفقهاء رحمهم الله يذكرون في اشتراط العقل الصبي غير المميز، ويقارنون بينه وبين المجنون، فإن الصبي غير المميز لا تصح منه صلاة، كما أن المجنون لا تصح منه صلاة، فهل الصبي غير المميز مثل المجنون في الحج كسائر العبادات مثل الصلاة؟ الراجح والله أعلم أنه ليس كذلك، بل نقل بعضهم الإجماع على أن الصبي يصح حجه من حيث وجود الثواب له ولأهله، كما ثبت ذلك في صحيح مسلم من حديث ابن عباس : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم لقي ركباً بالروحاء فقال: من القوم؟ قالوا: المسلمون قالوا: من أنت؟ قال: محمد صلى الله عليه وسلم، فرفعت امرأة إليه صبياً فقالت: يا رسول الله! ألهذا حج؟ قال: نعم، ولك أجر ).

وأما ما نقله الحافظ ابن حجر وكذلك ابن هبيرة عن أبي حنيفة رضي الله عنه ورحمه بقوله: لا يصح حج الصبي فإنما أراد رضي الله عنه ورحمه: لا يصح منه بمعنى: لا يجب عليه فعل الكفارات فيما لو فعلها، هذا هو الصحيح كما ذكر ذلك فقهاء الحنفية، والأصل: أن العالم يؤخذ قوله من أصحابه وأتباعه، وأما ما ينقله بعض الناس من بعض فإن الوهم فيه كثير، ولهذا كان ابن حزم غفر الله لنا وله كثير الوهم في عزوه لأقوال السلف، ولا ضير في ذلك، فإنما بعضهم ينقل من كتاب بعض، والله تبارك وتعالى أعلى وأعلم.

وعلى هذا: فإن المجنون لا تصح منه عبادة، أما الصبي غير المميز فإنما يجزئه بمعنى يثاب عليه، وإن كان ذلك لا يجزئه عن حج الفرض، سواء كان صبياً مميزاً أم صبياً غير مميز، وقد روى ابن أبي شيبة بسند صحيح عن ابن عباس رضي الله عنه من طريق أبي ظبيان عن ابن عباس أنه قال: اسمعوا مني ولا تقولوا: قال ابن عباس: (أيما صبي حج ثم بلغ الحنث فعليه حجة أخرى، وأيما عبد أعتق فعليه حجة أخرى)، وقد روي مرفوعاً، وأحسن شيء في الباب موقوف، وله حكم الرفع بقوله: ولا تقولوا: قال ابن عباس .

وعلى هذا: فالصبي إذا بلغ يجب عليه أن يحج حجة الإسلام.

اشتراط البلوغ والحرية لوجوب الحج والعمرة

وقول المؤلف: (البالغ) هذا شرط وجوب؛ لأن غير البالغ يصح منه كما مر، وعلى هذا: فلو حج غير البالغ فإنه يصح منه ولكنه لا يجزئه، ومما يدل على ذلك قول ابن عباس رضي الله عنه: (اسمعوا مني ولا تقولوا: قال ابن عباس)، وهذا قول الأئمة الأربعة، ولا خلاف كما مر خلافاً لمن نقل عن أبي حنيفة.

أما قول: (الحر) فإن الحرية شرط وجوب، فإن المملوك لو حج فإنه يجب عليه إذا أعتق أن يحج حجة أخرى؛ وذلك لأجل أن يكون بدنه كله لله جل جلاله وتقدست أسماؤه، فأما إذا كان مملوكاً فما زال لسيده علاقة في ملكه، فهو لم يعتق لله تعالى، ولهذا فإن عبوديته الدنيوية ما زالت موجودة، ولهذا قال الأئمة الأربعة: إن العبد إذا أعتق وجب عليه أن يحج حجة أخرى، وقد حكي إجماع في ذلك خلافاً لـابن حزم فإنه قال: إن العبد لو حج وهو بالغ فحجه صحيح، واختاره ابن سعدي رحمه الله، والراجح والله أعلم هو قول الأئمة الأربعة؛ لقول ابن عباس : اسمعوا مني ولا تقولوا: قال ابن عباس، ثم ذكر: (أيما عبد حج ثم أعتق فعليه حجة أخرى)، وهذا هو الراجح، والله أعلم.

اشتراط الاستطاعة لوجوب الحج والعمرة

ثم قال المؤلف: (إذا استطاع إليه سبيلاً).

الاستطاعة شرط وجوب، ثم إن العلماء رحمهم الله أجمعوا على هذا الشرط في الجملة، كما قال الله تعالى: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا [آل عمران:97]، وقد جاء تفسير الاستطاعة مرفوعاً ولا يصح، كما رواه ابن عمر عند الدارقطني وعند الترمذي ، ولا يصح، والصواب في هذا الحديث أنه عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً، وعلى هذا: فإن الاستطاعة إنما تعرف بالعرف، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن الرجل إذا كان قادراً بماله فإن فريضة الله عليه ثابتة، فدل ذلك على أن القدرة المالية معتبرة في الاستطاعة، ومما يدل على ذلك: ما جاء في الصحيحين من حديث المرأة الخثعمية التي قالت: ( يا رسول الله! إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يستطيع أن يثبت على الراحلة أفأحج عنه؟ قال: حجي عنه )، والحديث متفق عليه، فأقرها النبي صلى الله عليه وسلم بقولها: (إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً، وهو لا يستطيع أن يثبت على الراحلة)، فهذا ضعف بدني، وعلى هذا اختلف العلماء رحمهم الله: هل القدرة المالية يجب معها الحج أم العبرة بالقدرة البدنية؟ فذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والحنابلة والشافعية: إلى أن العبرة بالقدرة المالية، وأن القدرة البدنية غير معتبرة، وإنما اعتبارها في لزوم الحج، يعني: في خروج الإنسان ببدنه، ولو قسمنا ذلك إلى أربعة أقسام لكان ذلك أحسن.

فالقسم الأول: من لم يكن قادراً بماله وليس قادراً ببدنه: فهذا لا يجب عليه الحج إجماعاً، لا حج ببدنه ولا لزومه.

القسم الثاني: من كان قادراً بماله وبدنه فإن الحج واجب عليه إجماعاً.

القسم الثالث: من كان قادراً بماله وليس قادراً ببدنه، فإن الراجح والله أعلم وهو مذهب أبي حنيفة و الشافعي و أحمد أن الحج واجب عليه؛ لحديث المرأة الخثعمية، فإن الرسول أقرها على قولها: ( إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً ).

القسم الرابع: من كان قادراً ببدنه وليس قادراً بماله، فـمالك يوجب ذلك، والجمهور لا يوجبون، والأحوط أن يقال: من كان قادراً ببدنه وهو قريب من أهل مكة ومن عادته أن يذهب ويجيء، يعني: يمشي، هذا طبيعته وحاله، ويستطيع أن يحصل على المال بخدمة الحجاج، وهذا عادته وعرفه، فإنه يجب حينئذ عليه الحج، وأما من لم يكن كذلك فلا يجب عليه الحج، إذاً: القدرة البدنية تجب إذا كان قريباً يعتاد المشي، ويعتاد الخدمة، وأخذ رزق ماله ليومه فإنه يجب، وما عدا ذلك فإنه لا يجب، والله تبارك وتعالى أعلى وأعلم.

على هذا: فالاستطاعة ليست مقتصرة على الزاد والراحلة فقط، بل يقال: إن الاستطاعة لكل شيء بحسبه، فمن كان قريباً ليس مثل من كان بعيداً.

في الزمان الأول كانوا قد اعتادوا ركوب الإبل، واليوم لو قلت لشخص ولو كان فقيراً من أهل السند: اركب الإبل لتحج لكان في ذلك عليه مشقة وأي مشقة! وعلى هذا: فالعبرة بالزاد الذي هو الطعام وأكله وشربه من حين خروجه إلى حجه ثم إلى عودته إلى بلده، فزاد أهل السند ليس مثل زاد من كان قريباً من مكة، هذا معنى الزاد، والرحل: أن تكون الراحلة التي ينقل بمثلها ولمثلها تصلح له، وعلى هذا: فإن الباص والسيارة لا تصلح للذين يأتون من بلاد السند أو من بلاد أوروبا؛ لأنهم لم يعتادوا الذهاب إلى مثل هذه المسافات البعيدة بالسيارة، فإن المعتاد في حقهم هو قيمة تذكرة طيران ذهاباً وإياباً، وعلى هذا صار الزاد والراحلة كل شيء بحسبه.

قول المؤلف: (وراحلة بآلتهما).

يقصد (بآلتهما) يعني: برحله وبزاملته التي يجمع فيها الطعام، وقد قال البخاري بالمناسبة: باب الحج على الرحل، ثم ذكر حديث ثابت البناني عن أنس قال: حج أنس على رحل ولم يكن شحيحاً، ويذكر: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم حج على رحل وكانت زاملته )، يعني: أن النبي صلى الله عليه وسلم حج بزاملة -يعني: بإبل- وعليها طعامه وشرابه، وفيها منامه، وفيها مركبه، وهذا من تواضعه صلى الله عليه وسلم. ويقال: إنه أول من حج براحلتين -راحلة لطعامه وزاده، وراحلة لمركبه- عثمان رضي الله عنه؛ لأنه كان غنياً، فدل ذلك على أن كل إنسان بحسبه، فغنى الصحابة في زمانهم ربما يكون في زماننا فقر، والله المستعان.

يقول المؤلف: (فاضلاً عما يحتاج إليه لقضاء دينه).

يعني: لو كان عنده مال لزاده ذهاباً وإياباً فإنه ليس معنى ذلك أنه قد وجب عليه الحج، بشرط أن يكون الزاد الذي يذهب به حتى يعود فاضلاً عما يحتاج إليه لقضاء دينه، فإذا كان عليه دين فلا يخلو ذلك الدين من أن يكون حالاً أو يكون مؤجلاً، فإن كان حالاً فإنه لا يجب عليه الحج؛ لأنه يجب عليه أن يسدد دين غريمه، فإن كان عنده فاضلاً على دين غريمه جاز له أن يحج، فإن حج وليس عنده فاضل عن قضاء دين غريمه والدين حال فإنه يأثم، ولكن الحج صحيح.

قوله: (ومؤنة نفسه).

ويقصد (بمؤنة نفسه) يعني: ما يأكل ويشرب في طبيعته، وما يلبس وما يركب، وما يتستر به من حر الرمضاء وغير ذلك.

وقوله: (وعياله على الدوام)، لعله والله أعلم على الدوام حتى يرجع، وإلا فإن تكلفة على الدوام مطلقاً هذا فيه عسر حتى في زماننا هذا، الذي يظهر والله أعلم: أن يكون ذلك فاضلاً حتى يعود، فإذا كان ذهابهم شهرين فإنه يجب أن يكون عند أهله طعام بمقدار شهرين؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( كفى بالمرء إثماً أن يضيع عمن يحبس قوتهم )، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ( دينار ينفقه على عياله، ودينار ينفقه في سبيل الله، ودينار ينفقه على إخوانه، أعظمها أجراً: دينار ينفقها على عياله )، وهذا أمر يخفى على كثير من الناس، تجده إذا أعطى ابنه لحج أو أعطى ابنه لدراسة ما يستحضر أن ذلك نوع من الأجر الذي يثاب عليه صاحبه.

إذا ثبت هذا فإن من شروط الصحة: الإسلام، فالكافر لا يصح منه عمل؛ لقوله تعالى: لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ [الزمر:65]، وعلى هذا: فالكافر غير مخاطب خطاب أداء بفروع الشريعة، وإن كان مخاطباً خطاب تكليف من حيث الثواب والعقاب، ولهذا: فإن قول علماء الأصول: إن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة يقصدون بذلك خطاب الثواب والعقاب لا خطاب الأداء والفعل، وعلى هذا سار أئمة السلف والخلف.


استمع المزيد من الشيخ الدكتور عبد الله بن ناصر السلمي - عنوان الحلقة اسٌتمع
عمدة الفقه - كتاب الحج [3] 2651 استماع
عمدة الفقه - كتاب البيع [1] 2532 استماع
عمدة الفقه - كتاب الحج [17] 2396 استماع
عمدة الفقه - كتاب النكاح [4] 2315 استماع
عمدة الفقه - كتاب النكاح [16] 2168 استماع
عمدة الفقه - كتاب النكاح [5] 2166 استماع
عمدة الفقه - كتاب البيع [4] 2127 استماع
عمدة الفقه - كتاب الحج [2] 2109 استماع
عمدة الفقه - كتاب الحج [21] 2105 استماع
عمدة الفقه - كتاب الحدود [7] 2014 استماع