خطب ومحاضرات
عمدة الفقه - كتاب الحدود [7]
الحلقة مفرغة
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل، اللهم إنا نعوذ بك إن نضل أو نُضل، أو نزل أو نُزل، أو أن نظلم أو أن نُظلم، أو أن نجهل أو يُجهل علينا، اللهم زدنا علماً وعملاً وهدى وتقوى يا كريم، وبعد:
فقد قال المؤلف رحمه الله تعالى: [باب حد المحاربين.
وهم الذين يعرضون للناس في الصحراء جهرة ليأخذوا أموالهم، فمن قتل منهم وأخذ المال قتل وصلب حتى يشتهر ودُفع إلى أهله، ومن قتل ولم يأخذ المال قتل ولم يصلب، ومن أخذ المال ولم يقتل قطعت يده اليمنى ورجله اليسرى في مقام واحد وحسمتا، ولا يقطع إلا من أخذ ما يقطع السارق به، ومن أخاف السبيل ولم يقتل ولا أخذ مالاً نفي من الأرض، ومن تاب قبل القدرة عليه سقطت عنه حدود الله تعالى، وأُخذ بحقوق الآدميين إلا أن يعفى له عنها ].
ضابط المحاربين وقطاع الطريق
وقول المؤلف: (ليأخذوا أموالهم) ليس فقط ليأخذوا أموالهم فأحياناً قد يقطعون الطريق لإشاعة الفساد من قتل وأخذ مال وهتك عرض، كما يوجد في بعض البلدان مثل: عصابة المافيا وغيرها من العصابات.
حد المحارب إذا قتل وأخذ المال
فالقسم الأول: من قتل منهم وأخذ المال فحده القتل والصلب، حتى يشتهر أمره، أما القتل فمن قتل منهم فإنه يقتل بغير خلاف كما يقول ابن قدامة .
الصلاة على المحارب وقاطع الطريق بعد إقامة الحد عليه
والقول الثاني: قال: إن الجثة أحياناً يُتأخر بها بعد مماتها، لكن إن صُلي عليها فإنها تُدفن سريعاً، وهذا سوف يُصلب فلا يُصلى عليه حتى إذا أُريد دفنه، والمسألة مبنية على تعاليل وليس في المسألة دليل صريح في هذا.
قول المؤلف رحمه الله: (ودُفع إلى أهله)، يعني: حتى يغسلونه ويكفنونه، هذا قصد المؤلف، وهذا تعليل قوي، لكن الصلاة عليه ليس لها ارتباط بالكفن أو عدمه، وهذا جيد أنه إذا صُلي عليه فإنه يُكفن، والأولى أن يكون بعد الصلب، وهذا تعليل قوي، أن يكون الصلاة عليه بعد الصلب.
هم يقولون: إن عبد الله بن الزبير ما صُلي عليه إلا بعد الصلب، لكن أنا أقول: حتى الصلاة عليه فإنه لا يشترط فيه الكفن المعروف في حال الدفن.
حد المحارب إذا قتل ولم يأخذ المال
حد المحارب إذا أخذ المال ولم يقتل
قول المؤلف رحمه الله: (ولا يقطع إلا من أخذ ما يقطع السارق به)، يعني: أنه لو أخذ دون النصاب فإنه لا تقطع يده، ولو أخذ ما زاد على النصاب فإنه تُقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف؛ لأنه جمع بين الإخافة والسرقة، ففعُل به ذلك.
حد المحارب إذا أخاف السبيل ولم يقتل ولم يأخذ المال
وقال بعضهم: إن الإمام يُخير في صلبه وقطع إحدى يديه ورجليه من خلاف وبين نفيه، فإن كان قد قتل فإنه يقتل قولاً واحداً، واستدلوا على ذلك بقوله سبحانه: إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ [المائدة:33]، قالوا: (أو) في القرآن كما قال ابن عباس : للتخيير، قالوا: وعليه فالتخيير هنا من باب الولايات العامة فهي حق للإمام، وهذا القول حسن لو تأملته، وأما قول الحنابلة: إن ابن عباس إنما قال ذلك مع علمه أن (أو) للتخيير إما أن يكون لغة وإما أن يكون توقيفاً، قال: وسواء كان لغة أو توقيفاً فهو حجة، فإن كان لغة فقول الصحابي حجة في اللغة، وإن كان توقيفاً فقد أخذه من الرسول صلى الله عليه وسلم، والأقرب والله أعلم أنه للتخيير، أما إن قتل فإنه يُقتل، ولكن صلبه أو قطع أيديه وأرجله من خلاف أو نفيه إنما هو لحق الإمام، ومن المعلوم أن من كان ذا صولة وجولة وتخويف وذعر للناس فإن فيه من الشر ما ليس في غيره ممن تكون شوكته ضعيفة، فالإمام يزيد في الردع ما لا يزيد في غيره ممن لا يخيف السبيل.
معنى نفي المحارب وقاطع الطريق من الأرض
وكما ذكر ابن القيم عن عمر أنه غرب نصر بن الحجاج ، وهو الرجل الذي كان حسن المنظر وقد كانت النساء تُفتتن به فحلق رأسه فزاده جمالاً، ثم غربه إلى الشام، حتى جلس أربعة أشهر أو ستة أشهر، ثم ذكر أبياتاً وتوسط له بعض الصحابة ثم أرجعه عمر ؛ لأنه لم يستطع العيش، لكن الآن لو تذهب به إلى بعض البلدان ربما يزيد شره، ومن التغريب أنه يُمنع من دخول الدولة الفلانية أو يُمنع من دخول البلد الفلاني مدة معينة، وهذا فيه نوع من التغريب.
حكم توبة قاطع الطريق والمحارب
ودليل معرفة التوبة أنه إذا تاب قبل أن يقبض عليه يُقلع عن ذلك ويعمل صالحاً، ويظهر منه في سلوكياته الصلاح في العمل.
قول المؤلف رحمه الله: (وأُخذ بحقوق الآدميين)؛ لأن العبد لا يسقط حقه إلا برضاه، ومن الأدلة على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: ( لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه )، وقال تعالى: وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا [الإسراء:33]، فهو حق للمخلوق ولا بد من رضاه عند إسقاطه.
نقف عند هذا، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
استمع المزيد من الشيخ الدكتور عبد الله بن ناصر السلمي - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
عمدة الفقه - كتاب الحج [3] | 2651 استماع |
عمدة الفقه - كتاب البيع [1] | 2533 استماع |
عمدة الفقه - كتاب الحج [1] | 2450 استماع |
عمدة الفقه - كتاب الحج [17] | 2396 استماع |
عمدة الفقه - كتاب النكاح [4] | 2316 استماع |
عمدة الفقه - كتاب النكاح [16] | 2169 استماع |
عمدة الفقه - كتاب النكاح [5] | 2166 استماع |
عمدة الفقه - كتاب البيع [4] | 2128 استماع |
عمدة الفقه - كتاب الحج [2] | 2110 استماع |
عمدة الفقه - كتاب الحج [21] | 2106 استماع |